154ـ كلمات في مناسبات: توسدوا الموت إذا نمتم

154ـ كلمات في مناسبات: توسدوا الموت إذا نمتم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الْعَاقِلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَسَّدُ المَوْتَ إِذَا نَامَ، وَيَجْعَلُهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ إِذَا قَامَ، كَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى الدُّنْيَا وَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الآخِرَةِ، فَأَخَذَ يَسْعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَيَسْتَحْضِرُ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾.

الْعَاقِلُ هُوَ الحَرِيصُ عَلَى وَقْتِهِ مِنْ أَجْلِ آخِرَتِهِ ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾. فَيَرَى مُرُورَ الوَقْتِ بِلَا فَائِدَةٍ لَيْسَ لِصَالِحِهِ.

قَدْ هَيَّؤُوكَ لِأَمْرٍ لَوْ فَطِنْتَ لَهُ   ***   فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تَرْعَى مَعَ الْهَمَلِ

نَحْنُ سَائِرُونَ إِلَى المَوْتِ شِئْنَا أَمْ أَبَيْنَا، فَإِلَى مَتَى هَذَا التَّقْصِيرُ؟

تَزَوَّدْ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ، وَلَا تُضَيِّعِ الأَوْقَاتَ النَّفِيسَةَ فِي الأَفْعَالِ الخَسِيسَةِ؛ الدُّنْيَا سَاعَةٌ فَاجْعَلْهَا فِي طَاعَةٍ، وَاحْذَرِ النَّفْسَ الطَّمَّاعَةَ فَإِنَّهَا خَدَّاعَةٌ.

السَّعِيدُ المَوَفَّقُ مَنْ رَوَّضَ نَفْسَهُ وَهَذَّبَهَا ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾.

السَّعِيدُ مَنْ رَوَّضَ نَفْسَهُ عَلَى القَنَاعَةِ، وَحَمَلَهَا عَلَى الجِدِّ فِي طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ «وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

إِذَا كَانَتْ مَعَالِي الأُمُورِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالجِدِّ وَالاجْتِهَادِ، فَالجَنَّةُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَأَوْلَى، فَأَيْنَ المُشَمِّرُ لَهَا؟

يَا حَسْرَةً عَلَى العَبْدِ الَّذِي لَا يَرَى يَوْمَ القِيَامَةِ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ إِلَّا السَّيِّئَاتِ.

يَا حَسْرَةً عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾.

يَا حَسْرَةً عَلَى العَبْدِ الَّذِي يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَمَا يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ وَلَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ تُجَرُّ إِلَى أَرْضِ المَحْشَرِ: ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾.

يَا حَسْرَةً عَلَيْهِ عِنْدَمَا يُحْرَمُ سَمَاعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الفَائِزِينَ. آمِينَ آمِينَ آمِينَ.

أحمد شريف النعسان

**    **    **