146ـ كلمات في مناسبات : لمن تجالس؟

146ـ كلمات في مناسبات

لمن تجالس؟

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: قِيلَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِذَا صَلَّيْتَ مَعَنَا لِمَ لَا تَجْلِسُ مَعَنَا؟

قَالَ: أَذْهَبُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

قُلْنَا لَهُ: وَمِنَ أَيْنَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ؟

قَالَ: أَذْهَبُ أَنْظُرُ فِي عِلْمِي فَأُدْرِكُ آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، فَمَا أَصْنَعُ مَعَكُمْ، أَنْتُمْ تَغْتَابُونَ النَّاسَ، فَإِذَا كَانَ سَنَةُ ثَمَانِينَ فَالْبُعْدُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ أَقْرَبُ إِلَى اللهِ، وَفِرَّ مِنَ النَّاسِ كَفِرَارِكَ مِنَ الْأَسَدِ، وَتَمَسَّكْ بِدِينِكَ يَسْلَمْ لَكَ مَجْهُودُكَ. كَذَا فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.

لِيَكُنْ أَحَدُنَا عَلَى قَدَمِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ أَلْزَمَهُمُ اللهُ تَعَالَى كَلِمَةَ التَّقْوَى، فَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا.

لِتَكُنْ لَنَا خَلَوَاتٌ مَعَ اللهِ تَعَالَى، لَعَلَّ اللهَ تَعَالَى يُطَهِّرُ قُلُوبَنَا مِنَ الأَغْيَارِ، حَتَّى نَلْقَاهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا وَهِيَ سَلِيمَةٌ.

رَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ: أَمَا تَسْتَوْحِشُ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ فِي الْبَيْتِ؟

قَالَ: وَمَا لِي أَسْتَوْحِشُ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَى أَبِي ذَرٍّ رَسُولًا، قَالَ: فَجَاءَ الرَّسُولُ فَقَالَ لِأَبِي ذَرٍّ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، يَقُولُ لَكَ: اتَّقِ اللهَ وَحَقَّ النَّاسِ.

قَالَ: فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: مَالِي وَلِلنَّاسِ، وَقَدْ تَرَكْتُ لَهُمْ بَيْضَاءَهُمْ وَصَفْرَاءَهُمْ.

وَرَحِمَ اللهُ تَعَالَى مَنْ قَالَ:

لِقَاءُ النَّاسِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيْئًا   ***   سِـوَى الْهَذَيَانِ مِنْ قِيلٍ وَقَالِ

فَـأَقْلِلْ مِنْ لِقَاءِ النَّاسِ إلَّا   ***   لِكَسْبِ مَعِيشَةٍ وَصَلَاحِ حَالِ

وَرَحِمَ اللهُ تَعَالَى سَيِّدَنَا عُمَرَ إِذْ كَانَ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِذِكْرِ اللهِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ، وَإِيَّاكُمْ وَذِكْرَ النَّاسِ فَإِنَّهُ دَاءٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا في الصَّمْتِ.

فِي الخِتَامِ: يَقُولُ شَقِيقٌ البَلْخِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اصْحَبِ النَّاسَ كَمَا تَصْحَبُ النَّارَ، خُذْ مَنْفَعَتَهَا وَاحْذَرْ أَنْ تُحْرَقَكَ. كَذَا فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.

يَا رَبِّ دُلَّنَا عَلَى مَنْ يَدُلُّنَا عَلَيْكَ، وَأَوْصِلْنَا بِالَّذِي يُوصِلُنَا إِلَيْكَ. آمين.

**    **    **

                                                                               أخوكم أحمد شريف النعسان

                                                                                     يرجوكم دعوة صالحة