السؤال :
عِنْدِي أَغْنَامٌ عَدَدُهَا كَبِيرٌ، لَمْ أَتَّخِذْهَا لِلتِّجَارَةِ، بَلْ لِلَّبَنِ وَالتَّنَاسُلِ وَالصُّوفِ، وَأَنَا أَعْلِفُهَا مِنْ مَالِي أَكْثَرَ أَيَّامِ السَّنَةِ، فَهَلْ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4824
 2012-01-26

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدُ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبونٍ، وَلَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا ـ قَالَ ابْنُ العَلاءِ مُؤْتَجِرًا بِهَا ـ فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، لَيْسَ لآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ».

وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدُ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُمْ: إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِن المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلا يُعْطِهِ ... وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ، إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ ...».

وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِبِلَ وَالبَقَرَ وَالغَنَمَ هِيَ مِنَ الأَصْنَافِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَلَكِنْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إِلَى اشْتِرَاطِ السَّوْمِ فِي المَاشِيَةِ حَتَّى تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ المَالِكِيَّةُ وَقَالُوا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِمَةً أَمْ مَعْلُوفَةً.

مَعْنَى سَائِمَةٍ: هِيَ الَّتِي يَكُونُ غِذَاؤُهَا عَلَى الرَّعْيِ مِنْ نَبَاتِ البَرِّ.

فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي غَنَمِكَ مَا دَامَتْ مَعْلُوفَةً غَيْرَ سَائِمَةً، فَهِيَ وَالعَوَامِلُ مِنَ المَوَاشِي لَا زَكَاةَ فِيهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِي البَقَرِ العَوَامِلِ صَدَقَةٌ، وَلَكِنْ فِي كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنٌّ أَوْ مُسِنَّةٌ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ مَا تَحَقَّقَ فِيهَا صِفَةُ النَّمَاءِ، لِأَنَّ عَلَفَهَا يَسْتَغْرِقُ نَمَاءَهَا.

أَمَّا إِذَا كَانَتْ أَغْنَامُكَ مُعَدَّةً لِلتِّجَارَةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهَا زَكَاةَ العُرُوضِ التِّجَارِيَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.