طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: قَتْلُ النَّفسِ كَبيرَةٌ من الكَبائِرِ، ومن استَحَلَّ قَتْلَ نَفسِهِ فقد كَفَرَ والعِياذُ بالله تعالى، وهوَ من الخَالِدينَ في نارِ جَهَنَّمَ، وذلكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ شَرِبَ سَمَّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وقاتِلُ نَفسِهِ لا يَقِلُّ إثماً عمَّن قَتَلَ نَفساً حَرَّمَ اللهُ تعالى قَتْلَها بِغَيرِ حَقٍّ، قال تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾.
ثانياً: ذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ المَرأةَ إذا أُكرِهَتْ على الزِّنا لا يُقامُ عَلَيها الحَدُّ، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيم﴾. فالآيَةُ دَلَّتْ على انتِفاءِ الإثمِ عن المَرأةِ المُكرَهَةِ على الزِّنا، وإذا انتَفى الإثمُ عنها ارتَفَعَ الحَدُّ.
وبناء على ذلك:
فإنَّ قَتْلَ المَرأةِ نَفسَها في حالِ إكراهِها على الزِّنا لا يَجوزُ شَرعاً، وهيَ غَيرُ آثِمَةٍ إن اغتُصِبَتْ في هذهِ الحالَةِ.
وبِكَونِ المَرأةِ اجتَهَدَتْ في تِلكَ الحالَةِ، واختارَتْ قَتْلَ نَفسِها على اغتِصابِها فإنِّي أرجو اللهَ عزَّ وجلَّ أن يَكونَ ذلكَ كَفَّارَةً لها. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |