طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذهِ الآيَةُ الكَريمَةُ نَزَلَت في مَوقِعَةِ بَدْرٍ الكُبرى، حَيثُ ظَهَرَت حَقيقَةُ المُؤمِنِ بأنَّهُ كانَ على بَيِّنَةٍ من أمرِهِ وعَلِمَ أنَّ اللهَ تعالى حَقٌّ، وأنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وأنَّ الإسلامَ حَقٌّ، وأنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ حَقٌّ، فَصارَ بهذا الإيمانِ حَيَّاً، لأنَّهُ استَجابَ لأمْرِ الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾. فَصارَ حَيَّاً عن بَيِّنَةٍ ودَليلٍ وحُجَّةٍ شَاهَدَها يَومَ بَدْرٍ حَيثُ كانَتِ الآيَاتُ الوَاضِحَةُ.
وكذلكَ ظَهَرَت حَقيقَةُ العَبدِ الكافِرِ بأنَّ هَلاكَهُ كانَ بَعدَ ظُهورِ البَيِّنَةِ والدَّليلِ والحُجَّةِ عَلَيهِ، وقد شَاهَدَها يَومَ بَدْرٍ.
فَيَومُ بَدْرٍ هوَ يَومُ الفُرقانِ، حَيثُ فُرِّقَ فيه بَينَ الحَقِّ والبَاطِلِ فِعلاً، فمن يَكفُرْ بَعدُ فإنَّما يَكفُرُ في غَيرِ شُبهَةٍ، يَكفُرُ عن بَيِّنَةٍ وقِيامِ الحُجَّةِ عَلَيهِ، ومن يُؤمِنْ بَعدُ فإنَّهُ يُؤمِنُ عن بَيِّنَةٍ وحُجَّةٍ واضِحَةٍ لهُ.
وبناء على ذلك:
فالآيَةُ وَعيدٌ من الله تَبارَكَ وتعالى للعَبيدِ، فإهلاكُ اللهُ تعالى العَبدَ لا يَكونُ إلا بَعدَ قِيامِ الحُجَّةِ عَلَيهِ، وحَياةُ العَبدِ لا تَكونُ إلا بَعدَ قِيامِ الحُجَّةِ عَلَيهِ، والسَّعيدُ من استَجابَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.
فمن استَجابَ لله وللرَّسولِ فهوَ حَيٌّ عن بَيِّنَةٍ وحُجَّةٍ وبُرهانٍ، ومن لم يَستَجِبْ فهوَ هالِكٌ في الدُّنيا والآخِرَةِ معَ قِيامِ الحُجَّةِ عَلَيهِ ﴿فلله الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |