طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ من الحَنَفِيَّةِ والمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ للشَّافِعِيِّ، غَيْرِ الحَنَابِلَةِ، إلى أَنَّ نَزْعَ الخُفَّيْنِ أَو أَحَدِهِمَا من نَوَاقِضِ المَسْحِ على الخُفَّيْنِ، فَإِذَا خَرَجَتِ الرِّجْلانِ، أَو إِحْدَاهُمَا، بِنَزْعِ الخُفِّ، أَو بِخُرُوجِ القَدَمَيْنِ، أَو إِحْدَاهُمَا، أَو خُرُوجِ أَكْثَرِ القَدَمِ خَارِجَ الخُفِّ، فَقَد انْتَقَضَ المَسْحُ، وفي هَذهِ الحَالَةِ يَجِبُ غَسْلُ القَدَمَيْنِ جَمِيعَاً، لِبُطْلانِ طُهْرِهِمَا بِزَوَالِ البَدَلِ وَهُوَ المَسْحُ؛ وَبِزَوَالِ البَدَلِ نَرْجِعُ إلى الأَصْلِ وَهُوَ الغَسْلُ، ولا يَجِبُ إِعَادَةُ الوُضُوءِ عِنْدَ الجُمْهُورِ، خِلافَاً للحَنَابِلَةِ الذينَ قَالُوا بِوُجُوبِ إِعَادَةِ الوُضُوءِ كُلِّهِ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا نَزَعَ الرَّجُلُ الخُفَّ بَعْدَ المَسْحِ، وَبِدُونِ أَن يُحْدِثَ، قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ المَسْحِ، فَعِنْدَ المَالِكِيَّةِ والحَنَفِيَّةِ وفي قَوْلٍ للشَّافِعِيِّ يَكْفِيهِ غَسْلُ القَدَمَيْنِ، وَلَيْسَ بِحَاجَةٍ إلى إِعَادَةِ الوُضُوءِ.
وَأَمَّا مَذَهَبُ الحَنَابِلَةِ وفي قَوْلٍ آخَرَ للشَّافِعِيِّ، يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الوُضُوءِ؛ وهذا الاخْتِلافُ مَبْنِيٌّ على الاخْتِلافِ في وُجُوبِ المُوَالاةِ في الوُضُوءِ، فَمَنْ أَجَازَ التَّفْرِيقَ كَجُمْهُورِ الفُقَهَاءِ أَجَازَ غَسْلَ القَدَمَيْنِ، وَمَنْ مَنَعَ التَّفْرِيقَ كَالحَنَابِلَةِ وفي قَوْلٍ للشَّافِعِيِّ أَبْطَلَ وُضُوءَهُ لِفَوَاتِ المُوَالاةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |