طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي وَلَكَ وَلِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَرْزُقَنَا اللهُ تعالى حَقَّ الحَيَاءِ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ نَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَأَنْ يُعِينَنَا جَمِيعَاً عَلَى غَضِّ الـبَصَرِ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ تعالى، وَأَنْ يَصُونَ جَمِيعَ جَوَارِحِنَا عَنْ جَمِيعِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، وَأَنْ نَلْتَزِمَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾.
وَنَعُوذُ بِاللهِ تعالى مِنْ شَرِّ أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَأَلْسِنَتِنَا وَقُلُوبِنَا وَمَنِيِّنَا. آمين.
ثانياً: مِنَ الأُمُورِ التي تُعِينُ العَبْدَ عَلَى غَضِّ البَصَرِ:
1ـ أَنْ نَعْلَمَ وَنَسْتَحْضِرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبَاً﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
2ـ أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّ العَبْدَ إِذَا لَمْ يَشْكُرِ اللهَ تعالى عَلَى النِّعْمَةِ فَقَدْ يُعَرِّضُهَا للزَّوَالِ، وَمِنْ شُكْرِ اللهِ تعالى عَلَى نِعْمَةِ البَصَرِ غَضُّ البَصَرِ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ تعالى ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾؟
3ـ أَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّ الإِكْثَارَ مِنَ نَوَافِلِ العِبَادَاتِ بَعْدَ المُحَافَظَةِ عَلَى الفَرَائِضِ سَبَبٌ عَظِيمٌ مِنْ أَسْبَابِ حِفْظِ الجَوَارِحِ، وَخَاصَّةً جَارِحَةَ البَصَرِ، روى الإمام البخاري في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ، يَقُولُ اللهُ تعالى: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُـبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ».
4ـ أَنْ يَخَافَ الإِنْسَانُ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. كَيْفَ يَلْقَى العَبْدُ رَبَّهُ إِذَا كَانَ آخِرُ عَمَلِهِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا النَّظَرَ إلى مَا حَرَّمَ اللهُ تعالى النَّظَرَ إِلَيْهِ؟
5ـ أَنْ يَجْتَنِبَ العَبْدُ جَمِيعَ الأَسْبَابِ التي تَدْفَعُهُ إلى النَّظَرَ، مِنَ اسْتِمَاعِ الأَحَادِيثِ عَنِ النِّسَاءِ، وَالنَّظَرِ إلى الصُّوَرِ، وَمَقَاطِعِ الفيديو، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ.
6ـ أَنْ يُجَاهِدَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَيُعَوِّدَهَا عَلَى غَضِّ الـبَصَرِ، وَأَنْ يَصْبِرَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ العَبْدَ بِحَاجَةٍ إلى صَبْرٍ عَلَى الطَّاعَةِ، وَصَبْرٍ عَنِ المَعْصِيَةِ، حَتَّى يَسْمَعَ قَوْلَ المَلَائِكَةِ الكِرَامِ عِنْدَ دُخُولِهِ الجَنَّةَ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾.
7ـ أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الصِّيَامِ، لِأَنَّهُ وِجَاءٌ لَهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَـعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْـبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حَقَّ الحَيَاءِ مِنْكَ، وَفِّقْنَا لِأَنْ نَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَأَنْ نَذْكُرَ المَوْتَ وَالبِلَى. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |