طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الذي تَوَفَّاهُ اللهُ تعالى، قَدْ أَفْطَرَ في شَهْرِ رَمَضَانَ بِعُذْرٍ لِسَفَرٍ أَو مَرَضٍ أَو شَيْخُوخَةٍ، وَاتَّصَلَ العُذْرُ بِالمَوْتِ، فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ فَرْضٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ إلى المَوْتِ، فَسَقَطَ عَنْهُ، وَالأَحْوَطُ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينَاً عَنْ كُلِّ يَوْمٍ.
أَمَّا إِذَا أَفْطَرَ لِعُذْرٍ، وَتَمَكَّنَ مِنَ القَضَاءِ، وَلَمْ يَقْضِ حَتَّى مَاتَ، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ، لِأَنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يُقْضَى عَنْهُ كَالصَّلَاةِ.
وَمَذْهَبُ الحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ، وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ المَيْتِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، وَلَيْسَ وَاجِبَاً عَلَى وَلِيِّهِ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَو يُكَفِّرَ، لِحَدِيثِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». أخرجه البخاري.
أَمَّا في وُجُوبِ الفِدْيَةِ، عِنْدَ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ: لَو أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَقْضِ لَزِمَهُ الإِيصَاءُ بِكَفَّارَةِ مَا أَفْطَرَهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَجِبُ في تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ وَلَو لَمْ يُوصِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |