السؤال :
رَجُلٌ شَرِيكٌ مَعَ آخَرَ شَرِكَةَ مُضَارَبَةٍ، فَهَلْ تُؤْخَذُ زَكَاةُ مَالِ الشَّرِكَةِ مَعَ الأَرْبَاحِ مِنَ المَجْمُوعِ عِنْدَ نِهَايَةِ الحَوْلِ، قَبْلَ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10539
 2020-07-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

المُضَارَبَةُ: هِيَ أَنْ تُعْطِيَ إِنْسَانًا مِنْ مَالِكَ مَا يَتَّجِرُ بِهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الرَّبْحُ حَسْبَ الاتِّفَاقِ بَيْنَكُمَا.

وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ المُضَارَبَةِ وَجَوَازِهَا، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرُّخْصَةِ، أَو الاسْتِحْسَانِ، فَبِالقِيَاسِ لَا تَجُوزُ، لِأَنَّهَا اسْتِئْجَارٌ بِأَجْرٍ مَجْهُولٍ، بَلْ بِأَجْرٍ مَعْدُومٍ، وَلَكِنَّ الفُقَهَاءَ تَرَكُوا القِيَاسَ، وَأَجَازُوا المُضَارَبَةَ تَرَخُّصًا، أَو اسْتِحْسَانًا، لِأَدِلَّةٍ قَامَتْ عِنْدَهُمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ المُضَارَبَةِ، وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إلى ذَلِكَ.

وَجَعَلُوا لَها شُرُوطًا، أَهَمُّ هَذِهِ الشُّرُوطِ، أَنَّ المُضَارِبَ لَا يَتَحَمَّلُ شَيْئًا مِنَ الخَسَارَةِ إِذَا وَقَعَتْ، وَلَو شُرِطَ عَلَى المُضَارِبِ أَنْ يَتَحَمَّلَ شَيْئًا مِنَ الخَسَارَةِ، إِلَّا إِذَا كَانَ مُقَصِّرًا فَإِنَّهُ يَتَحَمَّلُ نَتِيجَةَ تَقْصِيرِهِ.

وَذَكَرَ الفُقَهَاءُ بِأَنَّ زَكَاةَ مَالِ شَّرِكَةِ المُضَارَبَةِ عَلَى صَاحِبِ رَأْسِ المَالِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِأَرْبَاحِ الشَّرِكَةِ فَالزَّكَاةُ فِيهَا عَلَى الشُّرَكَاءِ كُلُّ شَرِيكٍ يُؤَدِّي زَكَاةَ أَرْبَاحِهِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَزَكَاةُ رَأْسِ مَالِ المُضَارَبَةِ عَلَى صَاحِبِ رَأْسِ المَالِ، أَمَّا الرَّبْحُ فَصَاحِبُ رَأْسِ المَالِ يُضِيفُ رَبْحَهُ إلى رَأْسِ مَالِهِ وَيُزَكِّيهِ، وَالمُضَارِبُ العَامِلُ يُزَكِّي رَبْحَهُ إِذَا بَلَغَ نِصَابًا، أَو كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَيُضِيفُهُ إِلَيْهِ وَيُؤَدِّي زَكَاةَ الجَمِيعِ. هذا، والله تعالى أعلم.