السؤال :
يَقُولُ اللهُ تعالى في حَقِّ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. مَا مَعْنَى: ﴿بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10568
 2020-08-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ النَّمْلِ: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ ـ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ ـ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ».

ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ،: ﴿أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿بُورِكَ﴾ يَعْنِي الدُّعَاءَ بِالبَرَكَةِ، ﴿مَنْ فِي النَّارِ﴾ هُوَ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالمُرَادُ بِالنَّارِ النُّورُ الذي رَآهُ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَحَسِبَهُ نَارًا، وَإِطْلَاقُ النَّارِ عَلَى النُّورِ سَائِغٌ في اللُّغَةِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ المُتَقَدِّمِ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ المُرَادُ بِمَنْ حَوْلَهَا المَلَائِكَةُ الكِرَامُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَقْصُودُ بِالبَرَكَةِ في الآيَةِ الكَرِيمَةِ هِيَ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ فِيمَنْ هُوَ في النَّارِ، وَهُوَ كَلِيمُ اللهِ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالنَّارُ هُنَا هِيَ النُّورُ، فَسَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ  جَاءَها عَلَى أَنَّهَا نَارٌ ﴿إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ وَكَانَتْ النَّارُ في تِلْكَ الشَّجَرَةِ الخَضْرَاءِ نُورًا، إِذْ بُعِثَ فِيهَا رَسُولٌ مِنْ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَهُوَ سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَمَنْ حَوْلَهَا يَعْنِي حَوْلَ الشَّجَرَةِ التي هِيَ نُورٌ المَلَائِكَةُ الكِرَامُ. هذا، والله تعالى أعلم.