السؤال :
هَلْ هُنَاكَ حَالَاتٌ يَحْرُمُ فِيهَا تِلَاوَةُ القُرْآنِ، أَو تُكْرَهُ فِيهَا التِّلَاوَةُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10638
 2020-09-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهُنَاكَ حَالَاتٌ يَحْرُمُ فِيهَا تِلَاوَةُ القُرْآنِ، وَهِيَ:

1ـ يَحْرُمُ عَلَى الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ قِرَاءَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْرَأِ الحَائِضُ، وَلَا الجُنُبُ شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ» رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

2ـ يَحْرُمُ عَلَى الجُنُبِ قِرَاءَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، للحَدِيثِ السَّابِقِ، وَلِمَا رواه الترمذي عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُنَا القُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا.

وَهُنَاكَ حَالَاتٌ يُكْرَهُ فِيهَا تِلَاوَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَهِيَ:

1ـ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لِلحَدِيثِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ.

وفي رِوَايَةٍ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» رواه الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَإِنْ قَرَأَ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ.

2ـ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ في الأَمَاكِنِ المُسْتَقْذَرَةِ، كَدَوْرَةِ المِيَاهِ، أَو الأَمَاكِنِ التي لَا يُنْصَتُ فِيهَا للقُرْآنِ الكَرِيمِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِكِتَابِ اللهِ تعالى، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.

3ـ تُكْرَهُ تِلَاوَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ في حَالَةِ النُّعَاسِ الشَّدِيدِ، وَهُوَ الذي لَا يَأْمَنُ القَارِئُ فِيهِ ضَبْطَ قِرَاءَتِهِ وَالسَّهْوَ فِيهَا، روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».

الحَدِيثُ وَرَدَ في الصَّلَاةِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ تِلَاوَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ خَارِجَ الصَّلَاةِ.

4ـ وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ تِلَاوَةُ القُرْآنِ الكَرِيمِ في المَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ التي فِيهَا البَيْعُ وَالشِّرَاءُ، وَلَا يُوجَدُ مَنْ يُصْغِي لِتِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ لَا مِنَ الدَّاخِلِينَ وَلَا مِنَ الخَارِجِينَ، وَلَا مِنْ أَصْحَابِ المَحَلِّ، لِأَنَّ الكُلَّ مَشْغُولٌ في البَيْعِ وَالشِّرَاءِ.

5ـ وَهُنَاكَ حَالَاتٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا قَطْعُ تِلَاوَةِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَهِيَ:

ذَكَرَ الفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِقَارِئِ القُرْآنِ أَنْ يَقْطَعَ القِرَاءَةَ عِنْدَ الأَذَانِ لِإِجَابَةِ المُؤَذِّنِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

لِأَنَّ إِجَابَةَ المُؤَذِّنِ سُنَّةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَاجِبَةٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ.

أَمَّا القِرَاءَةُ خَلْفَ الإِمَامِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في قِرَاءَةِ المَأْمُومِ خَلْفَ الإِمَامِ في الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ وَالجَهْرِيَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.