السؤال :
مَا هُوَ الدُّعَاءُ المَسْنُونُ لِتَيْسِيرِ حِفْظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10022
 2019-11-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، تَفَلَّتَ هَذَا القُرْآنُ مِنْ صَدْرِي فَمَا أَجِدُنِي أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا الحَسَنِ، أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ، وَيَنْفَعُ بِهِنَّ مَنْ عَلَّمْتَهُ، وَيُثَبِّتُ مَا تَعَلَّمْتَ فِي صَدْرِكَ؟».

قَالَ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ فَعَلِّمْنِي.

قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ الجُمُعَةِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقُومَ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الآخِرِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ مَشْهُودَةٌ، وَالدُّعَاءُ فِيهَا مُسْتَجَابٌ، وَقَدْ قَالَ أَخِي يَعْقُوبُ لِبَنِيهِ ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ يَقُولُ: حَتَّى تَأْتِيَ لَيْلَةُ الجُمْعَةِ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقُمْ فِي وَسَطِهَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقُمْ فِي أَوَّلِهَا، فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، تَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَةِ يس وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَحم الدُّخَانِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَالم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَتَبَارَكَ المُفَصَّلِ، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ فَاحْمَدِ اللهَ، وَأَحْسِنْ الثَّنَاءَ عَلَى اللهِ، وَصَلِّ عَلَيَّ وَأَحْسِنْ، وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ، وَاسْتَغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَلِإِخْوَانِكَ الَّذِينَ سَبَقُوكَ بِالإِيمَانِ، ثُمَّ قُلْ فِي آخِرِ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بِتَرْكِ المَعَاصِي أَبَدَاً مَا أَبْقَيْتَنِي، وَارْحَمْنِي أَنْ أَتَكَلَّفَ مَا لَا يَعْنِينِي، وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فِيمَا يُرْضِيكَ عَنِّي، اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ وَالعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُكَ يَا اللهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أَنْ تُلْزِمَ قَلْبِي حِفْظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمْتَنِي، وَارْزُقْنِي أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنِّيَ، اللَّهُمَّ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ وَالعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ، أَسْأَلُكَ يَا اللهُ يَا رَحْمَنُ بِجَلَالِكَ وَنُورِ وَجْهِكَ أَنْ تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ بَصَرِي، وَأَنْ تُطْلِقَ بِهِ لِسَانِي، وَأَنْ تُفَرِّجَ بِهِ عَنْ قَلْبِي، وَأَنْ تَشْرَحَ بِهِ صَدْرِي، وَأَنْ تَغْسِلَ بِهِ بَدَنِي، فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنِي عَلَى الحَقِّ غَيْرُكَ وَلَا يُؤْتِيهِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، يَا أَبَا الحَسَنِ فَافْعَلْ ذَلِكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ أَوْ خَمْسَاً أَوْ سَبْعَاً تُجَبْ بِإِذْنِ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَخْطَأَ مُؤْمِنَاً قَطُّ».

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللهِ مَا لَبِثَ عَلِيٌّ إِلَّا خَمْسَاً أَوْ سَبْعَاً حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ المَجْلِسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ فِيمَا خَلَا لَا آخُذُ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ أَوْ نَحْوَهُنَّ، فَإِذَا قَرَأْتُهُنَّ عَلَى نَفْسِي تَفَلَّتْنَ وَأَنَا أَتَعَلَّمُ اليَوْمَ أَرْبَعِينَ آيَةً أَوْ نَحْوَهَا، وَإِذَا قَرَأْتُهَا عَلَى نَفْسِي فَكَأَنَّمَا كِتَابُ اللهُ بَيْنَ عَيْنَيَّ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ الحَدِيثَ فَإِذَا رَدَّدْتُهُ تَفَلَّتَ وَأَنَا اليَوْمَ أَسْمَعُ الأَحَادِيثَ فَإِذَا تَحَدَّثْتُ بِهَا لَمْ أَخْرِمْ مِنْهَا حَرْفَاً.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «مُؤْمِنٌ وَرَبِّ الكَعْبَةِ يَا أَبَا الحَسَنِ». قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَقَالَ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ؛ وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ بِقَوْلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ شَاذٌّ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهَذَا الحَدِيثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ إِنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ؛ وَلَكِنْ لَا حَرَجَ مِنْ أَخْذِ الدُّعَاءِ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَ القُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا، وَأَنْ يَكُونَ حُجَّةً لَنَا لَا عَلَيْنَا يَوْمَ القِيَامَةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.