السؤال :
بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى تَنَازَلَتْ أُخْتِي عَنْ حِصَّتِهَا مِنَ التَّرْكَةِ، وَبَعْدَ فَتْرَةٍ نَدِمَتْ، وَتُرِيدُ الآنَ حِصَّتَهَا، فَهَلْ هَذَا مِنْ حَقِّهَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10027
 2019-11-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

روى البيهقي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمَاً أَقَالَهُ اللهُ نَفْسَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وروى أبو داود وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمَاً، أَقَالَهُ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وروى البَزَّارُ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:  «مَنْ أَقَالَ نَادِمَاً بَيْعَتَهُ، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». هذا أولاً.

ثانياً: مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ إِقَالَةَ النَّادِمِ مِنْ فِعْلِ الخَيْرِ الذي أُمِرْنَا بِهِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. وَقَدْ حَثَّ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّسَامُحِ وَإِقَالَةِ العَثَرَاتِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلَاً سَمْحَاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رواه الإمام البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَإِقَالَةُ النَّادِمِ فِيهَا تَفْرِيجٌ للكَرْبِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ في ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: شَرَعَ اللهُ تعالى لَنَا العَدْلَ، وَرَغَّبَنَا بِالفَضْلِ، وَالفَضْلُ أَعْظَمُ مِنَ العَدْلِ أَجْرَاً وَثَوَابَاً.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَأَنَا أَنْصَحُكَ بِأَنْ تَرُدَّ لَهَا حِصَّتَهَا مِنَ التَّرِكَةِ، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلَى صِلَةِ الأَرْحَامِ، وَبِذَلِكَ تَزْرَعُ الوُدَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، لِأَنَّ الإِحْسَانَ يَمْلِكُ القُلُوبَ.

وَتَعَامَلْ مَعَهَا بِالفَضْلِ لَا بِالعَدْلِ بِرَّاً بِوَالِدَيْكَ أَحْيَاءً وَمَيْتِينَ، وَبِذَلِكَ تَرْبَحُ أَجْرَاً عَظِيمَاً يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقِيلُ اللهُ تعالى عَثْرَتَكَ، وَيُفَرِّجُ كَرْبَكَ، وَيُعَامِلُكَ بِالفَضْلِ لَا بِالعَدْلِ. هذا، والله تعالى أعلم.