السؤال :
مَا حُكْمُ تَثْبِيتِ عَقْدِ الزَّوَاجِ في المَحْكَمَةِ الـشَّرْعِيَّةِ بِدُونِ تَبَادُلِ الأَلْفَاظِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10090
 2019-12-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: عَقْدُ الزَّوَاجِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِوُجُودِ وَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رواه ابن حبان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُزَوِّجَ المَرْأَةُ نَفْسَهَا بِدُونِ وَلِيٍّ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» رواه ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وفي رِوَايَةِ الدَّارقطنيِّ: وَكُنَّا نَقُولُ ـ القَائِلُ هوَ: أَبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ: إِنَّ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا هِيَ الْفَاجِرَةُ.

وفي رِوَايَةٍ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: الْبَغِيُّ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ. /سنن سعيد بن منصور.

وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ خِلَافَاً للحَنَفِيَّةِ.

ثانياً: مِنْ أَرْكَانِ الزَّوَاجِ تَبَادُلُ أَلْفَاظِ الإِيجَابِ وَالقَبُولِ بَيْنَ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ، بِصِيغَةِ المَاضِي كَقَوْلِ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ للزَّوْجِ: زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي؛ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: قَبِلْتُ زَوَاجَهَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَتَثْبِيتُ عَقْدِ الزَّوَاجِ في المَحْكَمَةِ لَيْسَ عَقْدَاً شَرْعِيَّاً، لِأَنَّهُ ادِّعَاءٌ كَاذِبٌ تَرْفَعُهُ الزَّوْجَةُ عَلَى الزَّوْجِ، بِأَنَّ فُلَانَاً زَوْجٌ لَهَا، وَيُقِرُّ الرَّجُلُ بِأَنَّهُ زَوْجٌ لَهَا، فَيُثَبِّتُ القَاضِي كَلَامَهُمَا عِنْدَهُ بِدُونِ تَبَادُلِ أَلْفَاظٍ.

لِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ أَنْ يُجْرِيَ عَقْدَ الزَّوَاجِ عَلَى تِلْكَ المَرْأَةِ، بِوُجُودِ وَلِيِّ أَمْرِهَا مَعَ شَاهِدَيْنِ، مَعَ المَهْرِ.

وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ بِهَا، وَإِذَا تَمَّ الدُّخُولُ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَتِمَّ عَقْدُ الزَّوَاجِ بَيْنَهُمَا بِالشُّرُوطِ المَذْكُورَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.