السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ بِأَنَّ الصَّيْدَ يَحْرُمُ في شَهْرِ رَجَبٍ، لِأَنَّهُ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُمِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10187
 2020-03-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يَقُولُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلَّا سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ـ أَي: لَا يُزْعَجُ مِنْ مَكَانِهِ  ـ ، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا ـ أَي: لَا يُقْطَعُ ـ ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا ـ أَيْ :لَا يُقْطَعُ نَبَاتُها الرَّطْبُ ـ ، وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ـ أَي: لِمُعَرِّفٍ عَلى الدَّوَامِ يَحْفَظُها وَلَا يَتَمَلَّكُها ـ ».

فَقَالَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ: إِلَّا الإِذْخِرَ  يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالبُيُوتِ (الإِذْخِرُ :حَشِيْشَةٌ مَعْروفَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيْحِ).

فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: «إِلَّا الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ حَلَالٌ» رواه الإمام البخاري عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وروى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ».

وَالمَدِينَةُ المُنَوَّرَةُ بَيْنَ لَابَتَيْنِ، شَرْقِيَّةٍ وَغَرْبِيَّةٍ، وَاللَّابَةُ يُقَالُ لَهَ: الحَرَّةُ، وَهِيَ حِجَارَةٌ سَوْدَاءُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالأَشْهُرُ الحُرُمُ لَا عَلَاقَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ، إِنَّمَا المُحَرَّمُ هُوَ تَحْرِيمُ الصَّيْدِ في حَالِ الإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَو عُمْرَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ في مَكَّةَ أَو في غَيْرِهَا.

كَمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ الصَّيْدُ في مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، وَفي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَحُرْمَةُ الصَّيْدِ في مَكَّةَ أَعْظَمُ مِنْ صَيْدِهِ في المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ.

وَعَلَيْهِ: فَيَجُوزُ الصَّيْدُ في شَهْرِ رَجَبٍ لِغَيْرِ المُحْرِمِ، في غَيْرِ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ وَالمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.