طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في كَنْزِ العُمَّالِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: اسْتَعْرتُ مِنْ حَفْصَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ إِبْرَةً كُنْتُ أَخِيطُ بِهَا ثَوْبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَسَقَطَتْ عَنِّي الإِبْرَةُ، فَطَلَبْتُهَا فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَتَبَيَّنْتُ الإِبْرَةَ بِشُعَاعِ نُورِ وَجْهِهِ، فَضَحِكْتُ.
فَقَالَ: «يَا حُمَيْرَاءُ! لِمَ ضَحِكْتِ؟».
قُلْتُ: كَانَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «يَا عَائِشَةُ، الوَيْلُ ثُمَّ الوَيْلُ لِمَنْ حُرِمَ النَّظَرَ إلى هَذَا الوَجْهِ، مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ إِلَّا وَيَشْتَهِي أَنْ يَنْظُرَ إلى وَجْهِي» رواه الديلمي وابن عساكر.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ مَا وَرَدَ في كُتُبِ الصِّحَاحِ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ بِأَنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في غَايَةِ الحُسْنِ وَالكَمَالِ، عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَظْهَرْ لِمَخْلُوقٍ مِثْلَهُ.
وَرَحِمَ اللهُ تعالى القَائِلَ:
فَهوَ الذي تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ *** ثُمَّ اصْطَفَاهُ خَلِيلًا بَارِئُ النَّسَمِ
مُـنَـزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ في مَحَاسِنِهِ *** فَجَوْهَرُ الحُسْنُ فِيهِ غَيْرُ مُنْقَسِمِ
وَقَالَ ابْنُ الفَارِضِ:
وَعَلَى تَفَنُّنِ وَاصِفِيهِ بِحُسْنِهِ *** يَفْنَى الزَّمَانُ وَفِيهِ مَا لَمْ يُوصَفِ
وَقَالَ غَيْرُهُ:
بَـلَـغَ الـعُلَا بِـكَــمَالِهِ *** كَشَفَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
حَسُنَتْ جَمِيعُ خِصَالِهِ *** صَـلُّـــوا عَـلَـيْهِ وَآلِهِ
وَكَذَلِكَ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ بِأَنَّ المَحْرُومَ هُوَ مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ الإِيمَانِ بِرِسَالَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَحُرِمَ شَفَاعَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَكَذَلِكَ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الجَمِيعَ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَخَاصَّةً مَنْ كَفَرَ بِهِ في الدُّنْيَا ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |