السؤال :
هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ خِصْيَةٍ مِنْ إِنْسَانٍ لِآخَرَ عَقِيمٍ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَهُ بِذُرِّيَّةً صَالِحَةٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10244
 2020-03-26

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الخِصَاءِ، وَذَلِكَ بِأَخْذِ الخِصْيَتَيْنِ دُونَ الذَّكَرِ، أَو مَعَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الآدَمِيُّ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا، روى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَسْتَخْصِي؟

فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ.

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِي الِاخْتِصَاءِ.

فَقَالَ لَهُ: «يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَنَا بِالرَّهْبَانِيَّةِ الْحَنَفِيَّةَ السَّمْحَةَ، وَالتَّكْبِيرَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنَّا فَاصْنَعْ كَمَا نَصْنَعُ».

وَالحِكْمَةُ في مَنْعِ الخِصَاءِ أَنَّهُ خِلَافُ مَا أَرَادَهُ الشَّارِعُ مِنْ تَكْثِيرِ النَّسْلِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ قَدْ يُفْضِي إلى الهَلَاكِ، وَفِيهِ إِبْطَالُ مَعْنَى الرُّجُولِيَّةِ التي أَوْجَدَهَا اللهُ تعالى في الرَّجُلِ، وَتَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللهِ تعالى، وَفِيهِ تَشَبُّهٌ بِالمَرْأَةِ، وَاخْتِيَارُ النَّقْصِ عَلَى الكَمَالِ.

وَنَقْلُ الخِصْيَتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ خِصَاءٌ للمَنْقُولِ مِنْهُ، وَالخِصَاءُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ.

ثانيًا: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُ الأَعْضَاءِ التَّنَاسُلِيَّةِ كَالخِصْيَتَيْنِ أَو المِبْيَضَيْنِ مِنْ إِنْسَانٍ لِآخَرَ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ نَقْلَ الصِّفَاتِ الوِرَاثِيَّةِ المَوْجُودَةِ في الشَّخْصِ المُتَبَرِّعِ إلى أَبْنَاءِ الشَّخْصِ المُتَبَرَّعِ لَهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا يَجُوزُ نَقْلُ خِصْيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ شَخْصٍ لِآخَرَ، وَخَاصَّةً أَنَّ نَقْلَ الخِصْيَةِ التي مِنْهَا تَنْشَأُ الحَيَوَانَاتُ المَنَوِيَّةُ سَيُؤَدِّي إلى نَقْلِ مُوَرِّثَاتِ صَاحِبِ الخِصْيَةِ المُتَبَرِّعِ بِمَا يُؤَدِّي لِاخْتِلَاطِ الأَنْسَابِ، وَيَحْمِلُ الجَنِينُ المُوَرِّثَاتِ مِنَ المُتَبَرِّعِ وَلَيْسَ مِمَّنْ نُقِلَتْ لَهُ؛ وَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا. هذا، والله تعالى أعلم.