طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي «أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ».
وَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّ حُصُولَ أَجْرِ الشَّهَادَةِ في زَمَنِ الطَّاعُونِ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ:
الأَوَّلُ: أَنْ يَمْكُثَ في بَلَدِهِ، أَو في بَيْتِهِ، كَمَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ عِنْدَ الإِمَامِ أحمد، صَابِرًا غَيْرَ مُنْزَعِجٍ بِالذي يَقَعُ بِهِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ أَو بَيْتِهِ فَرَارًا مِنْهُ.
الثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ تعالى لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾.
وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ» رواه أبو داود عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، فَمَنْ حَقَّقَ الشُّرُوطَ، كُتِبَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ إِنْ مَاتَ بِالطَّاعُونِ أَو لَمْ يَمُتْ، يَعْنِي يَنَالُ أَجْرَ ثَوَابِ الشَّهِيدِ يَوْمَ القِيَامَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |