2020-04-01
 السؤال :
مَا هِيَ مُوجِبَاتُ الغُسْلِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10265
 2020-04-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَسْبَابَ وُجُوبِ الغُسْلِ، وَهِيَ:

أولًا: خُرُوجُ المَنِيِّ:

اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ المَنِيِّ مِنْ مُوجِبَاتِ الغُسْلِ، وَلَا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ، في النَّوْمِ أَو اليَقَظَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وروى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ البَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا؟

قَالَ: «يَغْتَسِلُ».

وَعَنِ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا؟

قَالَ: «لَا غُسْلَ عَلَيْهِ».

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ تَرَى ذَلِكَ غُسْلٌ؟

قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ».

وَقَالَ الفُقَهَاءُ: لَو اسْتَيْقَظَ النَّائِمُ وَوَجَدَ المَنِيَّ، وَلَمْ يَذْكُرِ احْتِلَامًا، فَعَلَيْهِ الغُسْلُ، وَلَا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ.

ثانيًا: الْتِقَاءُ الخِتَانَيْنِ:

الْتِقَاءُ الخِتَانَيْنِ مِنْ مُوجِبَاتِ الغُسْلِ بِالاتِّفَاقِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ».

وفي رِوَايَةٍ للإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ». وَالْتِقَاءُ الخِتَانَيْنِ يَحْصُلُ بِتَغْيِيبِ الحَشْفَةِ في الفَرْجِ.

ثالثًا: الحَيْضُ وَالنِّفَاسُ:

اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الحَيْضَ وَالنِّفَاسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الغُسْلِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ﴾. أَيْ: إِذَا اغْتَسَلْنَ؛ فَمُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ غُسْلِهَا، لِذَلِكَ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الغُسْلِ عَلَى المَرْأَةِ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنْ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا.

رابعًا: المَوْتُ:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ المَوْتَ مِنْ مُوجِبَاتِ الغُسْلِ، لِقَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ جَمِيعًا: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» رواه الشيخان عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

خَامِسًا: إِسْلَامُ الكَافِرِ:

اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في وُجُوبِ الغُسْلِ عَلَى الكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ.

ذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلى اسْتِحْبَابِ الغُسْلِ للكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ غَيْرُ جُنُبٍ، أَمَّا إِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ جُنُبٌ فَعَلَيْهِ الغُسْلُ بِالاتِّفَاقِ.

وَذَهَبَ المَالِكِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ إلى أَنَّ إِسْلَامَ الكَافِرِ مُوجِبٌ للغُسْلِ، لِمَا روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أَوْ أُثَالَةَ أَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمُوجِبَاتُ الغُسْلِ هِيَ: خُرُوجُ المَنِيِّ، وَالْتِقَاءُ الخِتَانَيْنِ، وَالحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، وَالمَوْتُ، وَإِسْلَامُ الكَافِرِ. هذا، والله تعالى أعلم.