السؤال :
امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ، وَتَخَافُ عَلَى وَلَدِهَا الجُوعَ إِنْ صَامَتْ، فَهَلْ يُبَاحُ لهَا الفِطْرُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10310
 2020-04-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ المَرْأَةَ المُرْضِعَ لَهَا أَنْ تُفْطِرَ في شَهْرِ رَمَضَانَ، بِشَرْطِ أَنْ تَخَافَ عَلَى نَفْسِهَا أَو عَلَى وَلَدِهَا مِنَ المَرَضِ، أَو زِيَادَتِهِ، أَو الضَّرَرِ، أَو الهَلَاكِ.

وَالوَلَدُ الرَّضِيعُ يُعْتَبَرُ جُزْءًا مِنَ الأُمِّ، فَإَنْ كَانَ الوَلَدُ لَا يَرْضَعُ إِلَا مِنْ صَدْرِ أُمِّهِ، وَلَا تُوجَدُ مُرْضِعٌ ثَانِيَةٌ تُرْضِعُهُ، وَلَا يُوجَدُ حَلِيبٌ اصْطِنَاعِيٌّ يُغْنِيهِ، وَإِنْ وُجِدَ الحَلِيبُ الاصْطِنَاعِيُّ وَكَانَ وَالِدُ الصَّغِيرِ فَقِيرًا لَيْسَتْ عِنْدَهُ المَقْدِرَةُ لِشِرَاءِ حَلِيبٍ لَهُ فَيَجُوزُ للمَرْأَةِ في هَذِهِ الحَالَةِ الفِطْرُ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.

وروى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُهُ يَتَغَدَّى، فَقَالَ: «ادْنُ فَكُلْ».

فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ.

فَقَالَ: «ادْنُ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّوْمِ، أَوِ الصِّيَامِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ المُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ».

وَاللهِ لَقَدْ قَالَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كِلَيْهِمَا أَوْ إِحْدَاهُمَا، فَيَا لَهْفَ نَـفْسِي أَنْ لَا أَكُونَ طَعِمْتُ مِنْ طَعَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا كَانَ الطِّفلُ لَا يَرْضَعُ إِلَّا مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ، وَلَا يَأْخُذُ ثَدْيًا آخَرَ، وَكَانَ الأَبُ مـُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شِرَاءِ حَلِيبٍ اصْطِنَاعِيٍّ لِوَلَدِهِ فَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ في هَذِهِ الحَالَةِ الفِطْرُ مِنْ أَجْلِ وَلَدِهَا، إِذَا قَلَّ الحَلِيبُ مِنْ صَدْرِهَا بِسَبَبِ الصِّيَامِ، وَأَمَّا إِذَا بَقِيَ الحَلِيبُ في صَدْرِهَا عَلَى حَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الفِطْرُ. هذا، والله تعالى أعلم.