السؤال :
تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِن امْرَأَةٍ، وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ لَهَا رَائِحَةَ فَمٍ كَرِيهَةً، وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ المَهْرَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11445
 2021-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالغِشُّ حَرَامٌ، وَلَا يَجُوزُ كِتْمَانُهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالنُّصْحُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَاجِبٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» رواه الإمام مسلم عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا أولًا.

ثانيًا: يَجِبُ بَيَانُ العُيُوبِ في الخَاطِبِ أَو المَخْطُوبَةِ، وَكِتْمَانُ العَيْبِ حَرَامٌ، روى الإمام مسلم عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ».

فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: «تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي».

قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ». فَكَرِهْتُهُ.

ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ». فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ.

ثالثًا: رَائِحَةُ الفَمِ الكَرِيهَةُ تُؤَدِّي إلى النَّفْرَةِ، وَاعْتَبَرَهُ الفُقَهَاءُ مِنَ العُيُوبِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا في ثُبُوتِ الخِيَارِ وَالفَسْخِ في النِّكَاحِ.

فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَفِيَّةِ وَفي قَوْلٍ عِنْدَ الحَنَابِلَةِ الْبَخَرُ ـ الرَّائِحَةُ الكَرِيهَةُ المُتَغَيِّرَةُ مِنَ الفَمِ مِنْ نَتْنٍ وَغَيْرِهِ ـ لَا يَثْبُتُ بِهَا الخِيَارُ، وَلَا يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَكِتْمَانُ العَيْبِ حَرَامٌ شَرْعًا، وَكَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى وَلِيِّ الفَتَاةِ أَنْ يُعْلِمَ  الزَّوْجَ بِذَلِكَ.

وَإِذَا تَمَّ الدُّخُولُ وَتَمَّتِ المُعَاشَرَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ بَدَا للزَّوْجِ بَعْدَ مُدَّةٍ أَنْ يُسَرِّحَ الزَّوْجَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِ كَامِلِ المَهْرِ لَهَا مَعَ نَفَقَةِ العِدَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.