السؤال :
فَتَاةٌ تَعَرَّفَ عَلَيْهَا شَابٌّ وَتَعَلَّقَ بِهَا تَعَلُّقًا شَدِيدًا، وَشَعَرَتِ الفَتَاةُ بِالخَطَأِ الفَاحِشِ التي ارَتَكَبَتْهُ مِنْ خِلَالِ صِلَتِهَا بِهِ، فَقَطَعَتِ الصِّلَةَ مَعَهُ، فَهَدَّدَهَا إِنْ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَسَوْفَ يَنْتَحِرُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ العَيْشَ بِدُونِهَا، فَمَاذَا تَفْعَلُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11451
 2021-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذِهِ العَلَاقَاتُ بَيْنَ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ طَامَّةٌ كُبْرَى، وَجَرِيمَةٌ عُظْمَى، وَهِيَ سَبَبٌ في نَشْرِ الفَسَادِ وَضَيَاعِ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ في أَوْدِيَةِ الرَّذِيلَةِ وَاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَالبُعْدِ عَنِ اللهِ تعالى، وَصَدَقَ اللهُ تعالى  القَائِلُ: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾. هَذَا أولًا.

ثانيًا: أَهْلُ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ يُرِيدُونَ مِنَ الآخَرِينَ أَنْ يَسْلُكُوا طَرِيقَهُمْ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ مِنْ عِبَادِهِ التَّوْبَةِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾.

ثالثًا: عَلَى العَبْدِ أَنْ يُسْرِعَ بِالتَّوْبَةِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ مَوْتِهِ حَتَّى لَا يَنْدَمَ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ، وَلَا في أَرْضِ المَحْشَرِ؛ وَمِنْ تَمَامِ التَّوْبَةِ وَصِدْقِهَا الابْتِعَادُ عَنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ، كَمَا جَاءَ في حَدِيثِ قَاتِلِ مِئَةِ نَفْسٍ، حَيْثُ أَمَرَهُ العَالِمُ أَنْ يَهْجُرَ القَرْيَةَ التي كَانَ فِيهَا، فَهِيَ أَرْضُ سُوءٍ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

نَحْمَدُ اللهَ تعالى أَنْ بَصَّرَ هَذِهِ الفَتَاةَ بِعَيْبِهَا وَسُلُوكِهَا الخَاطِئِ قَبْلَ مَوْتِهَا، وَأَلْهَمَهَا الرُّشْدَ وَالصَّوَابَ، فَأَدْرَكَتْ خُطُورَةَ المَسْلَكِ الذي سَلَكَتْهُ، وَالذي يَجُرُّ العَارَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلِهَا، وَرُبَّمَا يُوصِلُهَا إلى سُوءِ الخَاتِمَةِ.

لَقَدْ أَدْرَكَتْ هَذِهِ الفَتَاةُ عَمَلَهَا الشَّنِيعَ، فَتَابَتْ إلى اللهِ تعالى خَشْيَةَ الخِزْيِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

وَعَلَيْهَا أَنْ تَقْطَعَ صِلَتَهَا بِهَذَا الشَّابِّ اتِّصَالًا، أَو رُؤْيَةً، أَو مُحَادَثَةً، بِأَيَّةِ وَسِيلَةٍ مِنْ وَسَائِلِ المُحَادَثَةِ، وَعَلَيْهَا بِصِدْقِ التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ مَعَ كَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ، وَلْتُعْرِضْ عَنْ هَذَا الشَّابِّ وَغَيْرِهِ إِعْرَاضًا كُلِّيًّا وَإِنْ هَدَّدَهَا بِالانْتِحَارِ، فَهِيَ لَيْسَتْ مَسْؤُولَةً عَنْهُ، عَاشَ أَو انْتَحَرَ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ بَلْ هِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ نَفْسِهَا، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

وَعَلَيْهَا أَنْ تَهْتَمَّ بِالصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ مِنَ النِّسَاءِ الصَّالِحَاتِ، وَأَنْ تَنْصَحَ جَمِيعَ الفَتَيَاتِ بِالابْتِعَادِ عَنِ العَلَاقَاتِ الآثِمَةِ وَالفَاجِرَةِ التي مَآلُهَا الخِزْيُ وَالعَارُ دُنْيَا وَأُخْرَى.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.