طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ رَوَاهُ الإمام الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ.
وَفي رِوَايَةٍ للإمام أحمد عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ: كُنَّا نَبْتَاعُ الْأَوْسَاقَ بِالْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ، قَالَ: فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِمَّا كُنَّا نُسَمِّي بِهِ أَنْفُسَنَا، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ، وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ».
وَالمَقْصُودُ بِبَيْعِ الْأَوْسَاقِ إِمَّا عَيْنُهَا، وَهِيَ المِكْيَالُ، وَهُوَ يَتَّسِعُ لِسِتِّينَ صَاعًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ المُرَادُ بِبَيْعِهَا مَا يُكَالُ بِهَا مِنَ الحُبُوبِ كَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهَا.
السِّمْسَارُ: هُوَ الوَسِيطُ بَيْنَ البَائِعِ وَالمُشْتَرِي.
اللَّغْوُ: هُوَ الكَلَامُ الذي لَا فَائِدَةَ مِنْهُ.
فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ: الشَّوْبُ: الخَلْطُ، وَالمَقْصُودُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا صَدَقَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، لِتَكُونَ كَفَّارَةً مِنَ اللَّغْوِ وَالحَلِفِ غَيْرِ المَقْصُودِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَقدْ أَمَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ، لِوُجُودِ الكَلَامِ الذي لَا فَائِدَةَ مِنْهُ، وَالحَلِفِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ.
أَمَّا الحَلِفُ المُتَعَمَّدُ فَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، روى الحاكم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «التُّجَّارُ هُمُ الْفُجَّارُ، التُّجَّارُ هُمُ الْفُجَّارُ».
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ قَدْ أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ؟
قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ فَيَكْذِبُونَ، وَيَحْلِفُونَ فَيَأْثَمُونَ». هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |