السؤال :
أَنَا شَابٌّ مُتَزَوِّجٌ، وَقَدِ ابْتُلِيتُ بِارْتِكَابِ جَرِيمَةِ الزِّنَا مَعَ امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ، وَقَدْ نَدِمْتُ كَثِيرًا عَلَى مَا فَعَلْتُ، فَهَلْ تَكْفِينِي التَّوْبَةُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إِقَامَةِ الحَدِّ عَلَيَّ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11691
 2022-01-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ مَا اقْتَرَفْتَهُ أَنْتَ وَتِلْكَ المَرْأَةُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَجَرِيمَةٌ مِنَ الجَرَائِمِ العِظَامِ، وَأَنْتَ وَهِيَ مِمَّنْ وَقَعَ في الخِيَانَةِ الكُبْرَى، وَكُنْتَ سَبَبًا في إِفْسَادِهَا عَلَى زَوْجِهَا، كَمَا كَانَتْ سَبَبًا في إِفْسَادِكَ عَلَى زَوْجِكَ.

وَمِنْ قِلَّةِ حَيَاءِ العَبْدِ أَنْ يَتْرُكَ الحَلَالَ وَيَقْتَرِفَ الحَرَامَ، وَأَنْتَ أَكْرَمَكَ اللهُ تعالى بِزَوْجَةٍ تُعِفُّكَ عَنِ الحَرَامِ، وَهِيَ أَكْرَمَهَا اللهُ تعالى بِزَوْجٍ يُعِفُّهَا عَنِ الحَرَامِ، فَتَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا الحَلَالَ وَذَهَبَ إلى الحَرَامِ، أَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُوءِ الأَدَبِ مَعَ اللهِ تعالى. هَذَا أولًا.

ثانيًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ أَمَامَ العَبْدِ الصَّادِقِ في تَوْبَتِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابًا﴾.

وروى الإمام مسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا (أَيْ: لَا يَرْمِيهِ بِالعَضِيهَةِ وَهِيَ البُهْتَانُ وَالكَذِبُ) فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا، فَأُقِيمَ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَلَيْكَ بِصِدْقِ التَّوْبَةِ، وَقَطْعِ الصِّلَةِ مَعَهَا وَمَعَ غَيْرِهَا مِنَ الأَجْنَبِيَّاتِ، وَأَكْثِرْ مِنَ الاسْتِغْفَارِ وَالصَّدَقَةِ وَالصِّيَامِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُحَدِّثَ النَّاسَ بِمَا اقْتَرَفَتْ يَدَاكَ، وَمَا دَامَ رَبُّنَا سَتَرَكَ فَاصْدُقِ التَّوْبَةَ مَعَ اللهِ تعالى، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى لَنَا وَلَكَ المَغْفِرَةَ. هذا، والله تعالى أعلم.