السؤال :
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الآتِي: «إِذَا دَخَلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ، مُثِّلَتِ الشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا، فَيَجْلِسُ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: دَعُونِي أُصَلِّي»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11692
 2022-01-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه في سُنَنِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ.

«مُثِّلَتِ الشَّمْسُ» أَيْ: شُبِّهَتْ لَهُ الشَّمْسُ، وَهَذَا في حَقِّ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ الذي كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا بِالمَسَاجِدِ، وَبِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ تعالى، بَلْ في حَقِّ مَنْ قَالَ اللهُ تعالى فِيهِمْ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾. وَقَالَ فِيهِمْ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾. وَفي حَقِّ مَنِ انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا» رواه أبو داود عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ عِنْدَ نُزُولِ المَلَكَيْنِ، أَو بَعْدَ سُؤَالِهِمَا، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ العَبْدَ مُكَلَّفٌ في عَالَمِ البَرْزَخِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ هَذَا المُؤْمِنَ كَانَ مِمَّنْ يُحَافِظُ عَلَى صَلَاتِهِ في أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَكَانَ مُوَاظِبًا عَلَيْهَا، وَكَانَ مِنَ الخَاشِعِينَ فِيهَا، فَلَمَّا جَلَسَ في قَبْرِهِ وَمُثِّلَتْ لَهُ الشَّمْسُ بِأَنَّهَا قَدْ دَنَتْ مِنَ الغُرُوبِ طَلَبَ أَدَاءَ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، لِأَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ حَاضِرَةً في ذِهْنِهِ، وَفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اهْتِمَامِهِ بِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.