السؤال :
مَا حُكْمُ تَقْبِيلِ المَالِ إِذَا أَخَذَهُ الإِنْسَانُ مِنْ إِنْسَانٍ آخَرَ، كَمَنْ أَخَذَ صَدَقَةً أَو رَاتِبًا فَقَبَّلَ هَذَا المَالَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11715
 2022-01-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ المَالَ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ تعالى الجَسِيمَةِ التي أَسْبَغَهَا عَلَى خَلْقِهِ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الذي أَسْبَغَ عَلَيْنَا النِّعَمَ التي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ قَالَ آمِرًا: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾.

وَالشُّكْرُ يَكُونُ بِالإِيمَانِ أَنَّ المُنْعِمَ الحَقِيقِيَّ وَالمُعْطِيَ الحَقِيقِيَّ هُوَ اللهُ تعالى.

وَيَكُونُ بِطَاعَةِ المُنْعِمِ، بِحَيْثُ يُصْرَفُ هَذَا المَالُ في الطُّرُقِ المَشْرُوعَةِ بَعْدَ الحُصُولِ عَلَيْهِ بِالطُّرُقِ المَشْرُوعَةِ.

وَيَكُونُ بِصِيَانَةِ هَذَا المَالِ، وَالمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ مِنَ الضَّيَاعِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَكُونُ بِأَدَاءِ حَقِّ اللهِ تعالى فِيهِ، مِنْ زَكَاةٍ وَصَدَقَاتٍ.

وَيَكُونُ بِالْتِزَامِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾. وَبِالْتِزَامِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾.

وَيَكُونُ بِاسْتِحْضَارِ قَوْلِ اللهِ تعالى حِكَايَةً عَنْ سَيِّدِنَا سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَنْ آتَاهُ اللهُ تعالى مَالًا بِأَيَّةِ صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ المَشْرُوعَةِ، عَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تعالى بِالصُّوَرِ التي ذَكَرْتُهَا.

وَأَمَّا تَقْبِيلُ المَالِ فَمَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ، لَا مِنْ حَيْثُ تَقْبِيلُهُ، وَلَا عَدَمُ تَقْبِيلِهِ، وَالأَوْلَى مِنْ تَقْبِيلِهِ شُكْرُ اللهِ تعالى عَلَيْهِ. هذا، والله تعالى أعلم.