السؤال :
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11811
 2022-02-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ حَمَى اللهُ تعالى أَهْلَ الكَهْفِ بِالرُّعْبِ، حَتَّى لَا يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ، وَلَا يَصِلَ إِلَيْهِمْ وَاصِلٌ، وَلَا تَلْمِسَهُمْ يَدُ لَامِسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ فِيهِمْ أَجَلَهُ.

وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا يُوَضِّحُ سَبَبَ الرُّعْبِ، وَمَا يَذْكُرُهُ النَّاسُ أَنَّ سَبَبَ الرُّعْبِ طُولُ شُعُورِهِمْ وَأَظْفَارِهِمْ لَيْسَ صَحِيحًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ هَذَا القَوْلِ أَنَّهُمْ لَمَّا اسْتَيْقَظُوا قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾. فَلَو كَانَتْ شُعُورُهُمْ طَوِيلَةً، وَأَظْفَارُهُمْ كَذَلِكَ، لَمَا قَالَ: ﴿يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَمْ يُذْكَرْ في السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ سَبَبُ الرُّعْبِ وَالفِرَارِ لِكُلِّ رَاءٍ لَهُمْ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ﴾ لَيْسَ خِطَابًا لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَلْ هُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ رَاءٍ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا.

وَالذي يَمِيلُ إِلَيْهِ القَلْبُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا﴾ أَنَّ سَبَبَ التَّوْلِيَةِ وَالفَرَارِ مَا أَلْقَاهُ اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ مِنَ الهَيْبَةِ وَهُمْ في كَهْفِهِمْ، وَلَيْسَ المُرَادُ الرُّعْبَ مِنْ ذَوَاتِهِمْ، إِذْ لَيْسَ في ذَوَاتِهِمْ مَا يُخَالِفُ خَلْقَ النَّاسِ، لِأَنَّهُمْ عِنْدَمَا اسْتَيْقَظُوا قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾.

فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ خَلْقَهُمْ لَمْ يَتَغَيَّرْ. هذا، والله تعالى أعلم.