السؤال :
إِذَا زَنَتِ المَرْأَةُ المُتَزَوِّجَةُ وَأَقَرَّتْ لِزَوْجِهَا وَأَرَادَ طَلَاقَهَا، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ المَهْرَ كَامِلًا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11813
 2022-02-22

لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالزِّنَا مِنَ الكَبَائِرِ، وَمِنَ المُحَرَّمَاتِ بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾.

وَحَدُّ الزَّانِي المُحْصَنِ الرَّجْمُ حَتَّى المَوْتِ، وَحَدُّ الزَّانِي البِكْرِ مِئَةُ جَلْدَةٍ، وَيُعَزِّرُهُ القَاضِي بِالتَّغْرِيبِ، أَو السَّجْنِ سَنَةً كَامِلَةً.

وَالزِّنَا مُحَرَّمٌ في جَمِيعِ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، وَلَا يُخَالِفُ في ذَلِكَ صَاحِبُ فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ، وَلَا مَنْ عِنْدَهُ ذَرَّةُ عَقْلٍ. هَذَا أَوَّلًا.

ثانيًا: يَحْرُمُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَتَّهِمَ غَيْرَهُ بِالزِّنَا، إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَالبَيِّنَةُ أَنْ يَرَى أَرْبَعَةُ شُهُودٍ الفِعْلَ كَامِلًا.

وَيَثْبُتُ الزِّنَا بِالإِقْرَارِ مِنْ قِبَلِ الزَّانِي، كَمَا يَثْبُتُ إِذَا رَفَضَتِ المَرْأَةُ المُلَاعَنَةَ.

وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، وَلَمْ يُلَاعِنْهَا جُلِدَ حَدَّ القَذْفِ، وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً.

ثالثًا: إِذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِاعْتِرَافِ المَرْأَةِ، فَإِنَّ العَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ، وَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ مَهْرُهَا، وَهِيَ زَوْجَةٌ شَرْعِيَّةٌ لِزَوْجِهَا، حَتَّى يُطَلِّقَهَا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مُعَاشَرَتُهَا؛ وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِذَا زَنَتِ المَرْأَةُ ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى ـ وَأَقَرَّتْ لِزَوْجِهَا، فَهَذَا لَا يَفْسَخُ العَقْدَ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا في المَهْرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلَاعِنِ لَمَّا قَالَ: مَالِي؟

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إِعْطَاؤُهَا حَقَّهَا كَامِلًا، وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ بِإِعْطَائِهَا حُقُوقَهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهَا لِتَفْتَدِيَ نَفْسَهَا بِالخُلْعِ، فَيَطْلُبَ مِنْهَا الإِبْرَاءَ مِنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا، وَإِذَا كَانَ المَهْرُ مَقْبُوضًا أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيْهِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾.

وَالنَّصِيحَةُ السَّتْرُ، وَإِعْطَاءُ المَهْرِ، وَاحْتِسَابُ الأَجْرِ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَخَاصَّةً إِنْ كَانَ لَهَا ذُرِّيَّةٌ. هذا، والله تعالى أعلم.