السؤال :
فَتَاةٌ في سِنِّ الصِّبَا تَرْفُضُ الصِّيَامَ، وَتَتَعَلَّلُ بِعِلَلٍ وَاهِيَةٍ، فَمَا حُكْمُهَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11858
 2022-03-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالصِّيَامُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، وَفَرِيضَةٌ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى فَرْضِيَّةِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِلَّا مَنْ كَانَ صَاحِبَ عُذْرٍ أَو كَانَ مُسَافِرًا، أَو كَانَ مَرِيضًا، فَالشَّرْعُ رَخَّصَ لِهَؤُلَاءِ بِالإِفْطَارِ.

وَمَنْ أَنْكَرَ فَرْضِيَّةَ الصِّيَامِ خَرَجَ مِنَ المِلَّةِ، وَإِذَا مَاتَ عَلَى ذَلِكَ مَاتَ كَافِرًا ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى ـ، لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ في مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ.

أَمَّا مَنْ تَرَكَ الصِّيَامَ تَقَاعُسًا وَكَسَلًا فَهُوَ عَاصٍ فَاسِقٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى قَبْلَ مَوْتِهِ.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَعَهُ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَحْرُومُ حَقًّا مَنْ حَرَمَ نَفْسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَمِنْ مَغْفِرَةِ الغَفَّارِ التَّوَّابِ، وَمِنَ العِتْقِ مِنَ النَّارِ، وَحَرَمَ نَفْسَهُ مِنْ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ.

المَحْرُومُ مَنْ عَصَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَصَى رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ، وَحُرِمَ دُخُولَ الجَنَّةِ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟

قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».

المَحْرُومُ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَيَّةُ حَسْرَةٍ وَأَيَّةُ نَدَامَةٍ تَنْتَظِرَانِ هَذَا المَحْرُومَ، عِنْدَ الإِفْطَارِ، وَيَوْمَ العِيدِ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَمَا يَرَى الصَّائِمِينَ وَهُمْ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ.

لِذَلِكَ أَنْصَحُ هَذِهِ الفَتَاةَ، وَكُلَّ مَنْ سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ الفِطْرَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالمُبَادَرَةِ للصِّيَامِ قَبْلَ أَنْ تَأْكُلَ الحَسْرَةُ قُلُوبَهُمْ. هذا، والله تعالى أعلم.