السؤال :
يَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. لِمَاذَا نُصِبَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾ وَلَمْ يُرْفَعْ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11122
 2021-04-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالقُرْآنُ الكَرِيمُ جَاءَ مُتَحَدِّيًا أَهْلَ الفَصَاحَةِ وَالبَلَاغَةِ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾.

هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ طَرَقَتْ آذَانَ العَرَبِ أَهْلِ الفَصَاحَةِ وَالبَلَاغَةِ، الذينَ تَحَدَّاهُمُ القُرْآنُ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وَتَحَدَّاهُمْ أَنْ يَجِدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا، وَلَكِنَّهُمْ عَجَزُوا.

وَقَدْ طَرَقَتْ هَذِهِ الآيَةُ أَسْمَاعَهُمْ، وَهُمُ الحَرِيصُونَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى الطَّعْنِ في هَذَا القُرْآنِ العَظِيمِ، وَلَكِنْ مَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَطْعَنَ في القُرْآنِ وَيَقُولَ: مَا هَذَا اللَّحْنُ في القُرْآنِ؟ وَكَيْفَ يَنْصِبُ المَعْطُوفَ عَلَى المَرْفُوعِ؟ مَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَعْتَرِضَ.

هَذَا النَّصْبُ كَمَا قَالَ فُقَهَاءُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ: هُوَ نَصْبٌ عَلَى المَدْحِ.

قَالَ سِيبَوَيه: هَذَا بَابُ مَا يُنْتَصَبُ عَلَى التَّعْظِيمِ، وَمِنْ ذَلِكَ: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾. وَأَنْشَدَ:

وَكُلُّ قَوْمٍ أَطَاعُوا أَمْرَ سَيِّدِهِمْ   ***   إِلَّا نُمَيْرًا أَطَاعَتْ أَمْرَ غَاوِيهَا

الـظَّــاعِنِينَ وَلَمَّا يُظْعِنُوا أَحَدًا   ***   وَالـقَـائِـلُونَ: لِمَنْ دَارٌ تُخَلِّيهَا

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَنُصِبَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾. عَلَى المَدْحِ، يَعْنِي: أَمْدَحُ المُقِيمِينَ الصَّلَاةَ، وَذَاكَ لِأَهَمِّيَّتِهَا في دِينِ اللهِ تعالى، حَيْثُ فُرِضَتْ في السَّمَاءِ، وَهِيَ التي لَا تَسْقُطُ عَنِ المُكَلَّفِ أَبَدًا. هذا، والله تعالى أعلم.