السؤال :
أُرِيدُ الزَّوَاجَ ثَانِيَةً، فَهَلْ يُشْتَرَطُ رِضَا وَمُوافَقَةُ الزَّوْجَةِ الأُولَى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11125
 2021-04-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾.

وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾.

فَالحَقُّ سُبْحَانَهُ وتعالى أَبَاحَ تَعَدُّدَ الزَّوْجَاتِ، وَأَمَرَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِالتَّسْلِيمِ لِأَوَامِرِ اللهِ تعالى وَعَدَمِ الاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا. هذا أولًا.

ثانيًا: لَا يُشْتَرَطُ رِضَا وَمُوَافَقَةُ الزَّوْجَةِ الأُولَى عَلَى زَوَاجِ زَوْجِهَا مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ وَحُسْنِ المُعَاشَرَةِ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا بِطِيبِ الكَلَامِ، وَأَنْ يُوَضِّحَ لَهَا الغَايَةَ مِنْ زَوَاجِهِ بِالثَّانِيَةِ.

ثالثًا: إِنْ تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِامْرأَةٍ ثَانِيَةٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ العَدْلُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا يَسْتَطِيعُ، فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَإِنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ للوَعِيدِ النَّبَوِيِّ، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجُرُّ أَحَدَ شِقَّيْهِ سَاقِطًا أَوْ مَائِلًا».

لِأَنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وتعالى لَمَّا أَبَاحَ التَّعَدُّدَ، أَوْجَبَ العَدْلَ، فَمَنْ أَخَذَ بِالمُبَاحِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِالوَاجِبِ، وَإِلَّا وَقَعَ في الإِثْمِ، لِذَلِكَ قَالَ تعالى مُبَيِّنًا: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾.

فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ وتعالى أَنْ يَقْتَصِرَ الإِنْسَانُ عَلَى وَاحِدَةٍ إِذَا عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ العَدْلِ.

رابعًا: يَجِبُ عَلَيْهِ تَثْبِيتُ عَقْدِ زَوَاجِهِ بِالثَّانِيَةِ، حَتَّى لَا يُضَيِّعَ حُقُوقَهَا المَادِّيَّةَ، وَمِنْ أَجْلِ رِعَايَةِ النَّسَبِ إِنْ رَزَقَهُ اللهُ تعالى مِنْهَا الوَلَدَ.

خامسًا: أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنْ طَلَاقِهَا إِذَا كَانَ يَكْتُمُ زَوَاجَهُ بِالثَّانِيَةِ، وَعَلِمَتْ زَوْجَتُهُ الأُولَى بِذَلِكَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا يُشْتَرَطُ لِمَنْ أَرَادَ الزَّوَاجَ ثَانِيَةً أَنْ يَأْخُذَ مُوَافَقَةَ زَوْجَتِهِ الأُولَى، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ العَدْلَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنْ طَلَاقِ إِحْدَاهِمَا لِإِرْضَاءِ الأُخْرَى. هذا، والله تعالى أعلم.