طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَكَرَ فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ صَدَقَةِ الفِطْرِ فَجْرُ يَوْمِ العِيدِ، روى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ.
دَلَّ الحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى أَنَّ أَدَاءَهَا الذي نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّارِعُ قَبْلَ الخُرُوجِ إلى صَلَاة العِيدِ، فَعُلِمَ أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا يَوْمُ الفِطْرِ، وَلِأَنَّ تَسْمِيَتَهَا صَدَقَةَ الفِطْرِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهَا بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الفِطْرِ، لِأَنَّ الفِطْرَ إِنَّمَا يَكُونُ بِطُلُوعِ فَجْرِ ذَلِكَ اليَوْمِ.
وَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِ صَدَقَةِ الفِطْرِ غُرُوبُ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. رواه أبو داود.
وَقَالُوا: دَلَّ الحَدِيثُ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ الفِطْرِ تَجِبُ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَنْ مَاتَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَعِنْدَ الجُمْهُورِ تُخْرَجُ عَنْهُ صَدَقَةُ الفِطْرِ، وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ لَا تُخْرَجُ عَنْهُ.
وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ تُخْرَجُ عَنْهُ صَدَقَةُ الفِطْرِ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَلَا تُخْرَجُ عَنْهُ عِنْدَ الجُمْهُورِ، لِأَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا عِنْدَ الغُرُوبِ، وَهُوَ جَنِينٌ في بَطْنِ أُمِّهِ.
أَمَّا مَنْ مَاتَ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا تُخْرَجُ عَنْهُ صَدَقَةُ الفِطْرِ بِالاتِّفَاقِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |