السؤال :
مَا حُكْمُ صُنْعِ الطَّعَامِ في اليَوْمِ الثَّالِثِ بَعْدَ وَفَاةِ الإِنْسَانِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11347
 2021-07-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: طَعَامُ الوَلِيمَةِ في اليَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ الوَفَاةِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ مُصِيبَةٍ عَلَى مُصِيبَتِهِمْ، وَشُغْلًا عَلَى شُغْلِهِمْ، وَفِيهِ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ.

وَكَانَ سَلَفُنَا الصَّالِحُ يَعْتَبِرُونَ الاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّعَامِ في اليَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ النِّيَاحَةِ التي حَرَّمَهَا الشَّرْعُ الشَّرِيفُ، جَاءَ في سُنَنِ ابْنِ مَاجَه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا نَرَى الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنَ النِّيَاحَةِ.

ثانيًا: إِذَا كَانَ الطَّعَامُ الذي يَصْنَعُهُ أَهْلُ المَيْتِ مِنْ مَالِ المَيْتِ، وَكَانَ في الوَرَثَةِ قَاصِرُونَ، يَحْرُمُ الأَكْلُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ، لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِأَمْوَالِ اليَتَامَى، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾.

ثالثًا: ذهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِأَقَارِبِ المَيْتِ الأَبَاعِدِ أَو أَصْدِقَاءِ أَهْلِهِ وَجِيرَانِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا لَهُمُ الطَّعَامَ، وَهَذَا مِنَ السُّنَّةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا يَجُوزُ صُنْعُ الوَلَائِمِ وَاتِّخَاذُ الضِّيَافَةِ في التَّعْزِيَةِ؛ وَصُنْعُ الطَّعَامِ في الثَّالِثِ أَو السَّابِعِ أَو الأَرْبَعِينَ أَو السَّنَوِيَّةِ مِنَ البِدَعِ المُسْتَقْبَحَةِ التي مَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهَا الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ في الوَرَثَةِ قَاصِرُونَ، وَكَانَ الطَّعَامُ مِنْ مَالِ المَيْتِ، فَهَذَا حَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ.

وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ أَهْلُ المُتَوَفَّى مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِمْ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ، أَو مِنَ الأَغْنِيَاءِ، لِأَنَّهُمْ يُوقِعُونَ عَامَّةَ المُسْلِمِينَ في حَرَجٍ شَدِيدٍ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، فَطُوبَى لِمَنْ أَرْضَى اللهَ تعالى وَلَو في سَخَطِ النَّاسِ، لِأَنَّ إِرْضَاءَ النَّاسِ غَايَةٌ لَا تُدْرَك. هذا، والله تعالى أعلم.