السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12423
 2023-02-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ يُرَدِّدُهَا.

فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ».

وَفي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟».

فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

فَقَالَ: «اللهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ القُرْآنِ».

وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ».

فَقَرَأَ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ﴾ حَتَّى خَتَمَهَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ يَجِبُ التَّنَبُّهُ إلى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي يَقُولُ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»

قُلْنَا: لِمَنْ؟

قَالَ: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللهِ تعالى تَكُونُ بِتِلَاوَتِهِ وَتَدَبُّرِ آيَاتِهِ وَالاتِّعَاظِ بِمَوَاعِظِهِ، وَالوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الاكْتِفَاءَ بِسُورَةِ الإِخْلَاصِ دُونَ سَائِرِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَّفِقُ مَعَ النَّصِيحَةَ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: هُنَاكَ جَزَاءٌ وَإِجْزَاءٌ، وَالفَارِقُ بَيْنَهُمَا كَبِيرٌ، فَالجَزَاءُ هُوَ الثَّوَابُ الذي يُعْطِيهِ اللهُ تعالى عَلَى الطَّاعَةِ، أَمَّا الإِجْزَاءُ فَهُوَ أَنْ يُسَدَّ الشَّيْءُ عَنْ غَيْرِهِ وَيُجْزِئَ عَنْهُ.

فَمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الإِخْلَاصِ فَلَهُ جَزَاءُ وَثَوَابُ ثُلُثِ القُرْآنِ، وَلَكِنْ هَذَا لَا يُجْزِئُ وَلَا يُغْنِي عَنْ قِرَاءَةِ ثُلُثِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، فَضْلًا عَنْ قِرَاءَتِهِ كَامِلًا. هذا، والله تعالى أعلم.