السؤال :
مَا صِحَّةُ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12425
 2023-02-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَا عَذَابَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، جَعَلَ اللهُ عَذَابَهَا فِي الدُّنْيَا الْقَتْلَ وَالزَّلَازِلَ وَالْفِتَنَ» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ وَأَمْثَالُهُ، لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ـ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ ـ إِنَّمَا هُوَ في حَقِّ أُنَاسٍ مُذْنِبِينَ تَابُوا إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَصَدَقُوا في تَوْبَتِهِمْ، بَعْدَ أَنْ طَهَّرَهُمُ اللهُ تعالى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا بِالفِتَنِ أَو الزَّلَازِلِ أَو القَتْلِ، وَتَابُوا إلى اللهِ تعالى تَوْبَةً صَادِقَةً بَعْدَ المَصَائِبِ.

أَمَّا الذينَ ابْتَلَاهُمُ اللهُ تعالى بِالمَصَائِبِ وَالمِحَنِ وَالزَّلَازِلِ وَالحُرُوبِ، وَلَمْ يَتُوبُوا، وَأَصَرُّوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُمْ إلى اللهِ تعالى، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُمْ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ صَحِيحٌ، فَهَذِهِ الأُمَّةُ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، إِذَا تَابَتْ إلى اللهِ تعالى، وَاتَّبَعَتْ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَشْمَلَهَا الرَّحْمَةُ التي قَالَ فِيهَا مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾.

فَإِذَا تَابَتِ الأُمَّةُ وَطَهَّرَهَا اللهُ تعالى بِالمَصَائِبِ وَالمِحَنِ وَالزَّلَازِلِ، وَمَاتَتْ عَلَى تَوْبَتِهَا فَهِيَ بِإِذْنِ اللهِ تعالى غَيْرُ مُحاسَبَةٍ وَلَا عَذَابَ عَلَيْهَا. هذا، والله تعالى أعلم.