السؤال :
هل يجوز الجماع في ايام الاستحاضة بعد مرور عشر ايام من الحيض ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12489
 0000-00-00

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: دَمُ الاسْتِحَاضَةِ حُكْمُهُ كَالرُّعَافِ الدَّائِمِ، أَو كَسَلَسِ البَوْلِ، حَيْثُ تُطَالَبُ المُسْتَحَاضَةُ بِأَحْكَامٍ خَاصَّةٍ تَخْتَلِفُ عَنْ أَحْكَامِ الأَصِحَّاءِ، وَعَنْ أَحْكَامِ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.

وَيَجِبُ عَلَى المُسْتَحَاضَةِ رَدُّ دَمِ الاسْتِحَاضَةِ، أَو تَخْفِيفُهُ إِذَا تَعَذَّرَ بِالكُلِّيَّةِ، وَذَلِكَ بِرِبَاطٍ أَو حَشْوٍ، أَو بِالقِيَامِ وَالقُعُودِ، كَمَا إِذَا سَالَ أَثْنَاءَ السُّجُودِ، وَلَمْ يَسِلْ بِدُونِهِ، فَتُومِئُ مِنْ قِيَامٍ أَو مِنْ قُعُودٍ.

فَإِنِ اسْتَطَاعَتْ أَنْ تَرُدَّ المُسْتَحَاضَةُ الدَّمَ بِسَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ خَرَجَتْ  عن أَنْ تَكُونَ صَاحِبَةَ عُذْرٍ، وَإِلَّا فَهِيَ صَاحِبَةُ عُذْرٍ.

ثانياً: المُسْتَحَاضَةُ لَا تُمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَلَا مِنَ المُعَاشَرَةِ الزَّوْجِيَّة، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ في وُجُوبِ العِبَادَاتِ.

ثالثاً: يَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْتَحَاضَةِ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَمَا تَحْكُمُ بِانْقِضَاءِ حَيْضِهَا أَو نِفَاسِهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا الوُضُوءُ، وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» رواه الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَفي رِوَايَةٍ للترمذي عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي المُسْتَحَاضَةِ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي».

وَبَعْضُ الفُقَهَاءِ خَالَفَ رَأْيَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَقَالَ إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: تَغْتَسِلُ لِكُلِّ يَوْمٍ غُسْلَاً وَاحِدَاً، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: تَجْمَعُ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْ جَمْعٍ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَتَغْتَسِلُ لِصَلَاةِ الفَجْرِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَرْأَةُ المُسْتَحَاضَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الغُسْلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَيَكْفِيهَا الوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. هذا، والله تعالى أعلم.