السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله الله يكرمكم ويتقبل طاعتكم يثير البعض أن العيد اذا وافق يوم جمعة فإن صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة هل من قول مفصل للعلماء في ذلك؟ جزاكم الله خيرا
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12512
 0000-00-00

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّهُ إِذَا وَافَقَ العِيدُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَلَا يُبَاحُ لِمَنْ شَهِدَ العِيدَ التَّخَلُّفَ عَنِ الجُمُعَةِ، لِعُمُومِ الآيَةِ الآمِرَةِ بِهَا، وَالأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى وُجُوبِهَا، وَلِأَنَّهُمَا صَلَاتَانِ وَاجِبَتَانِ، فَلَمْ تَسْقُطْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى، كَالظُّهْرِ مَعَ العِيدِ.

وَذَهَبَ الحَنَابِلَةُ إلى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ العِيدُ وَالجُمُعَةُ في يَوْمٍ وَاحِدٍ فَصَلُّوا العِيدَ وَالظُّهْرَ جَازَ وَسَقَطَتِ الجُمُعَةُ عَمَّنْ حَضَرَ العِيدَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى العِيدَ، وَقَالَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ» رواه الإمام أحمد عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَصَرَّحُوا بِأَنَّ إِسْقَاطَ الجُمُعَةِ حِينَئِذٍ إِسْقَاطُ حُضُورٍ لَا إِسْقَاطُ وُجُوبٍ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ أَو شُغْلٌ يُبِيحُ تَرْكَ الجُمُعَةِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُهَا، فَتَنْعَقِدُ بِهِ الجُمُعَةُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا.

وَالأَفْضَلُ لَهُ حُضُورُهَا خُرُوجَاً مِنَ الخِلَافِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الإِمَامُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ حُضُورُ الجُمُعَةِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ» رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم.

وَلِأَنَّهُ لَو تَرَكَهَا لَامْتُنِعَ فِعْلُهَا في حَقِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَمَنْ يُرِيدُهَا مِمَّنْ سَقَطَتْ عَنْهُ، وَقَالُوا: إِنْ قَدَّمَ الجُمُعَةَ فَصَلَّاهَا في وَقْتِ العِيدِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: تُجْزِئُ الأُولَى مِنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالأَخْذُ بِقَوْلِ الجُمْهُورِ هُوَ أَوْلَى، لِأَنَّ ذِمَّةَ المُكَلَّفِ تَبْرَأُ بِيَقِينٍ عِنْدَمَا يَشْهَدُ صَلَاةَ العِيدِ وَصَلَاةَ الجُمُعَةِ، وَالحِيطَةُ في العِبَادَاتِ أَوْلَى مِنَ الأَخْذِ بِالرُّخَصِ. هذا، والله تعالى أعلم.