السؤال :
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12879
 2023-12-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ التَّحْذِيرَ الوَارِدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ». المَقْصُودُ مِنْهُ رَسْمُ الوَجْهِ، فَإِنَّهُ المَقْصُودُ مِنَ الرَّسْمِ أَصْلًا، حَتَّى إِنَّ لَفْظَ الصُّورَةِ إِنْ وَرَدَتْ انْصَرَفَتْ إلى الوَجْهِ.

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، أَنَّ جَارِيَةً لَهُ لَطَمَهَا إِنْسَانٌ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدٌ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ.

فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَسَابِعُ إِخْوَةٍ لِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَعَمَدَ أَحَدُنَا فَلَطَمَهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُعْتِقَهُ.

يَقُولُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في فَتْحِ البَارِي: أَيْ: الوَجْهُ الذي لَا يَحِلُّ ضَرْبُهُ.

فَإِذَا كَانَتِ الصُّورَةُ لَا تَظْهَرُ فِيهَا مَلَامِحُ الوَجْهِ، فَلَا مَنْعَ فِيهَا وَلَا تَحْرِيمَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَرَسْمُ الإِنْسَانِ مِنْ قَفَاهُ لَا حَرَجَ فِيهِ، كَمَا أَنَّ رَسْمَ الإِنْسَانِ، حَيْثُ لَيْسَ فِيهِ عَيْنٌ وَلَا أَنْفٌ وَلَا فَمٌ وَلَا أَصَابِعُ، لَا حَرَجَ مِنْهُ، وَلَيْسَ في ذَلِكَ مُضَاهَاةً لِخَلْقِ اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.