طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ـ في حَجَّةِ الوَدَاعِ ـ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ». وَلَفْظُ الرِّزْقِ عَامٌّ يَشْمَلُ عِلَاجَهَا.
وَقَدْ حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّقْصِيرِ في حَقِّ الزَّوْجَةِ، فَقَالَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَإِذَا مَرِضَتِ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ مَرَضَهَا لَهُ تَأْثِيرٌ كَبِيرٌ عَلَى تَمَتُّعِهِ بِهَا، وَعِلَاجُهَا مِنَ المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الرَّأْيَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ». كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ.
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ، بِالْمَعْرُوفِ».
وَمِنْ كِفَايَتِهَا القِيَامُ بِعِلَاجِهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِنَّ عِلَاجَ الزَّوْجَةِ المَرِيضَةِ عَلَى زَوْجِهَا، لِأَنَّ الحَاجَةَ إلى الدَّوَاءِ وَالعِلَاجِ قَدْ تَكُونُ أَشَدَّ مِنَ الحَاجَةِ إلى المَأْكَلِ وَالمَشْرَبِ، فَإِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى المَأْكَلِ وَالمَشْرَبِ وَاجِبَةً فَالعِلَاجُ وَالدَّوَاءُ وَاجِبَانِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَهَذَا الحُكْمُ يَنْسَجِمُ مَعَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾. وَخَاصَّةً إِذَا جَرَى العُرْفُ بِذَلِكَ.
وَهُنَاكَ مِنَ الفُقَهَاءِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ عِلَاجِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ؛ وَلَكِنْ أَقُولُ للسَّائِلِ: أَيْنَ أَخْلَاقُ المُسْلِمِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا؟ هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |