السؤال :
قَالَ تعالى حِكَايَةً عَنْ سَيِّدِنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾. فَهَلْ عَجَزَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ إِلَّا بِالإِشَارَةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12038
 2022-06-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ طَلَبَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ رَبِّهِ آيَةً عِنْدَمَا بَشَّرَتْهُ المَلَائِكَةُ بِسَيِّدِنَا يَحْيَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾. أَيْ: عَلَامَةً تَدُلُّ عَلَى مَوْعِدِ الحَمْلِ، فَجَاءَ الجَوَابُ مِنَ اللهِ تعالى: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾. أَيْ: لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُكَلِّمَ النَّاسَ إِلَّا بِالرَّمْزِ وَالإِشَارَةِ مَعَ قُدْرَتِكَ عَلَى ذِكْرِ اللهِ تعالى ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَكَانَتْ آيَةُ حَمْلِ زَوْجَتِهِ حَبْسَ لِسَانِهِ عَنْ قُدْرَةِ تَكْلِيمِ النَّاسِ خَاصَّةً، مَعَ إِبْقَاءِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّكَلُّمِ بِذِكْرِ اللهِ تعالى، وَلِذَلِكَ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾. يَعْنِي: أَيَّامَ عَجْزِكَ عَنْ تَكْلِيمِ النَّاسِ، وَهِيَ مِنَ الآيَاتِ البَاهِرَاتِ.

وَحُبِسَ لِسَانُهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ حَتَّى يَخُصَّ هَذِهِ الأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ بِذِكْرِ اللهِ تعالى، وَلَا يَشْغَلَ لِسَانَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ تعالى، وَحَتَّى يَشْكُرَ اللهَ تعالى عَلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ الجَسِيمَةِ، حَيْثُ رَزَقَهُ اللهُ تعالى الوَلَدَ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ عَقِيمًا.

اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى مَا أَوْلَيْتَ بِهِ مِنَ النِّعَمِ. هذا، والله تعالى أعلم.