السؤال :
أَحْرَمَ إِنْسَانٌ بِالحَجِّ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الوُقُوفِ في أَرْضِ عَرَفَةَ، سَارَ مَعَ الحُجَّاجِ إلى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ إلى مِنًى، وَرَمَى جَمْرَةَ العَقْبَةِ، وَعَادَ إلى مَنْزِلِهِ وَتَحَلَّلَ، فَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12059
 2022-07-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَاتٌ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ».

وَاتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الوُقُوفُ بِأَرْضِ عَرَفَةَ بِأَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ.

وَإِذَا أَرَادَ التَّحَلُّلَ مِنَ الإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِأَدَاءِ أَعْمَالِ العُمْرَةِ، فَيَطُوفُ وَيَسْعَى، ثُمَّ يَحْلِقُ وَيُقَصِّرُ، لِأَنَّ الإِحْرَامَ بَعْدَمَا انْعَقَدَ صَحِيحًا لَا طَرِيقَ للخُرُوجِ مِنْهُ إِلَّا بِأَدَاءِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، وَهُنَا عِنْدَمَا عَجَزَ عَنِ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاءُ العُمْرَةِ.

كَمَا اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ لِمَنْ لَمْ يَقِفْ بِأَرْضِ عَرَفَةَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالحَجِّ، وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا في وُجُوبِ الهَدْيِ عَلَيْهِ، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ يَجِبُ عَلَيْهِ الهَدْيُ، وَيَذْبَحُهُ في حَجَّةِ القَضَاءِ.

وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إلى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الهَدْيُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الحَجُّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ فَقَطْ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَدْ وَجَبَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ قَضَاءُ الحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ، مَعَ الهَدْيِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ عَلَيْهِ قَضَاءُ الحَجِّ فَقَطْ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ العُمْرَةِ.

ثَالِثًا: لِكَوْنِهِ تَحَلَّلَ مِنَ الإِحْرَامِ بِدُونِ طَوَافِ العُمْرَةِ وَسَعْيِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ، وَأَدَاءُ العُمْرَةِ قَبْلَ مُغَادَرَةِ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ.

رَابِعًا: إِنْ غَادَرَ مَكَّةَ قَبْلَ أَدَاءِ العُمْرَةِ يَظَلُّ مُحْرِمًا، تَلْزَمُهُ أَحْكَامُ الإِحْرَامِ، وَيَلْزَمُهُ جَزَاءُ كُلِّ جِنَايَةٍ جَنَاهَا عَلَيْهِ.

خَامِسًا: إِذَا عَجِزَ عَنِ العَوْدَةِ إلى مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ لِقَضَاءِ الحَجِّ، وَأَدَاءِ العُمْرَةِ، يَكُونُ مُحْصَرًا، وَبِإِمْكَانِهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْوِيَ التَّحَلُّلَ، وَيَبْعَثَ شَاةً تُذْبَحُ عَنْهُ في الحَرَمِ، وَيُوَزَّعَ لَحْمُهَا عَلَى فُقَرَاءِ الحَرَمِ، وَعَلَيْهِ القَضَاءُ في المُسْتَقْبَلِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ العَوْدَةِ إلى مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.