السؤال :
مَا حُكْمُ تَخَطِّي الرِّقَابِ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِسَدِّ الخَلَلِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12121
 2022-08-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَتَخَطِّي الرِّقَابِ في صَلَاةِ الجُمُعَةِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ المُتَخَطِّي الإِمَامَ أَو غَيْرَهُ.

فَإِنْ كَانَ المُتَخَطِّي هُوَ الإِمَامَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ لِيَصِل إِلَى مَكَانِهِ، جَازَ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الإِمَامِ: فَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ المَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ الإِمَامُ فِي الخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا.

فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ: فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّخَطِّي إِنْ كَانَ لَا يَجِدُ إِلَّا فُرْجَةً أَمَامَهُ، فَيَتَخَطَّى إِلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ، مَا لَمْ يُؤْذِ بِذَلِكَ أَحَدًا؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَيَدْنُوَ مِنَ المِحْرَابِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَثْنَاءَ الخُطْبَةِ؛ لِيَتَّسِعَ المَكَانُ لِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ، وَيَنَالَ فَضْلَ القُرْبِ مِنَ الإِمَامِ.

فَإِذَا لَمْ يَفْعَلِ الأَوَّلُ ذَلِكَ فَقَدْ ضَيَّعَ المَكَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَكَانَ لِلَّذِي جَاءَ بَعْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ المَكَانَ.

وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ المَسْجِدَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ: فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي أَوَّلِ مَكَانٍ يَجِدُهُ؛ لِأَنَّ مَشْيَهُ فِي المَسْجِدِ وَتَقَدُّمَهُ فِي حَالَةِ الخُطْبَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو، فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي جَاءَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ، وَآنَيْتَ ـ أَيْ: تَأَخْرْتَ ـ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيُكْرَهُ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ تَخَطِّي الرِّقَابِ أَثْنَاءَ الخُطْبَةِ، لِأَنَّهُ يُؤْذِي الجَالِسِينَ، وَالكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ.

أَمَّا قَبْلَ الخُطْبَةِ فَلَا حَرَجَ في ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ فُرْجَةٌ وَأَرَادَ المُصَلِّي أَنْ يَسُدَّهَا. هذا، والله تعالى أعلم.