السؤال :
أَنَا رَجُلٌ أَكْرَمَنِي اللهُ تعالى بِالاسْتِقَامَةِ، وَالمُشْكِلَةُ في أُخْتِي التي سَلَكَتْ طَرِيقَ التَّبَرُّجِ، وَوَالِدِي سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ مَعَهَا، وَكَذَلِكَ أُمِّي، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12123
 2022-08-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ عَلَيْكَ شَرْعًا أَنْ تُقَدِّمَ النُّصْحَ لِوَالِدَيْكَ أَوَّلًا بِرِفْقٍ وَلُطْفٍ وَلِينٍ بِأَنْ يُلْزِمَا أُخْتَكَ بِالحِجَابِ المَأْمُورِ بِهِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.

وَذَكِّرْهُمَا بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»  وَعَدَّ مِنْهُمْ: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَذَكِّرْهُمَا بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وَبِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾. فَمَاذَا سَيَقُولَانِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ ابْنَتِهِمَا؟

كَمَا يَجِبُ عَلَيْكَ شَرْعًا أَنْ تُقَدِّمَ النُّصْحَ لِأُخْتِكَ عَلَى انْفِرَادٍ، وَذَكِّرْهَا بِاللهِ تعالى، وَبِالنَّتَائِجِ السَّيِّئَةِ مِنْ وَرَاءِ هَذَا التَّبَرُّجِ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ التي قَالَ فِيهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَقَ شَبَابُكُمْ، وَطَغَى نِسَاؤُكُمْ؟».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟

قَالَ: «وَشَرٌّ مِنْ ذَلِكَ سَيَكُونُ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفًا؟» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَلَيْكَ بِالنُّصْحِ لِأَبَوَيْكَ وَأُخْتِكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُمْ بِالتي هِيَ أَحْسَنُ، وَاسْتَعِنْ عَلَيْهِمْ بِمَنْ يَسْتَمِعُونَ مِنْهُمُ النُّصْحَ، مَعَ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَهُمْ في ظَهْرِ الغَيْبِ، ثُمَّ فَوِّضْ أَمْرَكَ إلى اللهِ تعالى، وَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.