السؤال :
أَخِي مُتَزَوِّجٌ مِنْ سَنَوَاتٍ، وَهُوَ يَمْنَعُ زَوْجَتَهُ مِنَ الظُّهُورِ أَمَامَنَا وَلَو بِالحِجَابِ الشَّرْعِيِّ، وَإلى الآنَ لَا نَعْرِفُ شَكْلَهَا، أَلَيْسَ هَذَا مِنَ التَّشَدُّدِ المَرْفُوضِ في الدِّينِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12124
 2022-08-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالوَاجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ بَدَنِهَا عَنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ عَنْهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾.

وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الوُجُوبُ أَكْثَرَ عَلَى أَقْرِبَاءِ زَوْجِهَا مِنَ الأَجَانِبِ، كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَخَالِهِ وَهَكَذَا، وَهُوَ عَكْسُ مَا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ المُتَسَاهِلِينَ في هَذِهِ الأَيَّامِ.

وَعِنْدَمَا ذَكَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُحَذِّرًا مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِسَاءِ، أَرَادَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ اسْتِثْنَاءَ أَقَارِبِ الزَّوْجِ، فَكَانَ الرَّدُّ الحَازِمُ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟

قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ».

وَبَارَكَ اللهُ فِيكُمْ وَفي أَخِيكُمُ الذي اسْتَجَابَ لِأَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبَارَكَ في زَوْجَتِهِ التي اسْتَجَابَتْ كَذَلِكَ لِأَمْرِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِيَنَالَا الحَيَاةَ الطَيِّبَةَ المَوْعُودَ بِهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَنِعْمَ مَا فَعَلَ أَخُوكُمْ وَنِعْمَ مَا فَعَلَتْ زَوْجَةُ أَخِيكُمْ، حَيْثُ اسْتَجَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَمْرِ اللهِ تعالى، وَأَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَهَذَا لَيْسَ مِنَ التَّشَدُّدِ في الدِّينِ، وَلَيْسَ مِنَ الغُلُوِّ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الاخْتِلَاطِ، وَلِأَنَّهُ الأَسْلَمُ للقُلُوبِ، وَحَتَّى تَبْقَى القُلُوبُ عَلَى نَقَائِهَا وَصَفَائِهَا وَخُلُوِّهَا مِنَ الطُّرُقِ التي يُنْفُذُ مِنْ خِلَالِهَا الشَّيْطَانُ.

وَالسُّؤَالُ للإِخْوَةِ: مَا الغَايَةُ مِنْ خُرُوجِ زَوْجَةِ أَخِيكُمْ أَمَامَكُمْ؟ هذا، والله تعالى أعلم.