السؤال :
أَنَا شَابٌّ أَكْرَمَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالالْتِزَامِ في دِينِ اللهِ تعالى، وَأُعْرَفُ بَيْنَ أَصْدِقَائِي بِالشَّيْخِ، وَلَكِنِّي انْتَكَسْتُ عِنْدَمَا تَعَلَّقْتُ بِفَتَاةٍ مُتَبَرِّجَةٍ، وَأَخْشَى أَنْ أَكُونَ قَدْ فُتِنْتُ في دِينِي، فَمَاذَا أَصْنَعُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12147
 2022-08-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ سَيِّدُنَا حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَعْلَمَ أَصَابَتْهُ الْفِتْنَةُ أَمْ لَا، فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ كَانَ رَأَى حَلَالًا كَانَ يَرَاهُ حَرَامًا فَقَدْ أَصَابَتْهُ الْفِتْنَةُ، وَإِنْ كَانَ يَرَى حَرَامًا كَانَ يَرَاهُ حَلَالًا فَقَدْ أَصَابَتْهُ. رَوَاهُ الحَاكِمُ.

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَوْلًى لِأَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو مَسْعُودٍ عَلَى حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلِيَّ.

فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَأْتِكَ الْيَقِينُ؟

قَالَ: بَلَى، وَعِزَّةِ رَبِّي.

قَالَ: فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَدْ أُصِبْتَ في دِينِكَ، وَهَانَتْ عَلَيْكَ المَعْصِيَةُ، لِذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تَتَدَارَكَ نَفْسَكَ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ، وَقَطْعِ الصِّلَةِ مَعَ تِلْكَ الفَتَاةِ وَغَيْرِهَا.

أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ سَحَرًا، بِأَنْ يَحْفَظَكَ اللهُ تعالى مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَتَذَكَّرْ أَنَّ المَوْتَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِكَ، فَخَفْ مِنَ اللهِ تعالى أَنْ يَأْتِيَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى حَالَةٍ لَا تُرْضِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ.

عُدْ إلى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالعِبَادَاتِ، وَاتْرُكْ قُرَنَاءَ السُّوءِ، وَكُلَّ الوَسَائِلِ التي أَوْصَلَتْكَ إلى هَذِهِ الفِتْنَةِ في دِينِكَ.

فَالصُّحْبَةُ الصَّالِحَةِ سِيَاجٌ وَوِقَايَةٌ، تَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.

وَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَخَفْ سُوءَ الخَاتِمَةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

لَا سَعَادَةَ تَعْدِلُ سَعَادَةَ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ وَالقُرْبِ مِنَ اللهِ تعالى، وَأَسْرِعْ إلى الزَّوَاجِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ المُتَبَرِّجَةِ، رَوَى الحَاكِمُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ رَزَقَهُ اللهُ امْرَأَةً صَالِحَةً، فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ فِي الشَّطْرِ الثَّانِي».

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.