السؤال :
ابْتُلِيتُ بِقَذْفِ المُحْصَنَاتِ، وَاتَّهَمْتُ بَعْضَ الفَتَيَاتِ بِالفَاحِشَةِ، وَأَنَا الآنَ نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْتُ، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ فِعْلُهُ قَبْلَ مَوْتِي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12326
 2022-12-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ مِنَ الكَبَائِرِ، وَقَدْ رَتَّبَ اللهُ تعالى عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً مُغَلَّظَةً، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، فَقَالَ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

وَقَالَ خَاصَّةً في قَذْفِ المُحْصَنَاتِ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ـ يَعْنِي مِنْ بَعْدِ قَذْفِ المُحْصَنَاتِ ـ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. وَإِصْلَاحُ القَاذِفِ يَكُونُ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ، وَيَقُولُ: كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ في حَقِّ مَنْ قَذَفْتُهَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ كُلَّ مَنْ سَمِعَهُ حَالَ القَذْفِ أَنَّهُ كَانَ كَاذَبًا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُعْلِمَ مَنْ قَذَفْتَهَا، وَتَطْلُبَ مِنْهَا السَّمَاحَ، وَأَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَكَ أَمَامَ مَنْ قُلْتَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَسَبَّبَ ذَلِكَ في إِيقَاعِكَ في مَشَاكِلَ كَبِيرَةٍ؛ وَإِلَّا فَعَلَيْكَ بِالتَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالصَّدَقَةِ، وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ لِمَنْ قَذَفْتَ، وَأَنْ تُكْثِرَ مِنَ الحَسَنَاتِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.