السؤال :
رَجُلٌ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْهُمْ وَهَاجِرٌ لَهُمْ، وَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، أَو يَأْخُذَهُمْ لِعِنْدِهِ، فَيَرْفُضُ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12360
 2023-01-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يَهْجُرَ زَوْجَتَهُ بِدُونِ سَبَبٍ، وَإِنْ هَجَرَهَا بِسَبَبِ نُشُوزِهَا فَلَا حَرَجَ، بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الهَجْرُ في دِينِهَا، فَإِنْ أَضَرَّ بِدِينِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ هَذَا الفِعْلُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾. وَقَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾.

وَهُنَاكَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَصْبِرُ عَلَى زَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُصْلِحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حَالَهُ، أَو مِنْ أَجْلِ أَنْ يَبْقَى زَوْجُهَا عَلَى اتِّصَالٍ بِأَوْلَادِهِ وَرِعَايَتِهِمْ وَالإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ طَالَتِ المُدَّةُ وَلَمْ يَصْلُحْ حَالُهُ، أَو أَصَرَّ عَلَى الهَجْرِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَمِنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ أَنْ تَطْلُبَ طَلَاقَهَا مِنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَصِلَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ، وَخَاصَّةً إِذَا لَمْ تَكُنِ المَرْأَةُ نَاشِزَةً، أَو يَأْخُذَهُمْ للوَطَنِ الذي هُوَ فِيهِ، وَإِلَّا كَانَ ظَالِمًا، وَإِنْ كَانَ هَجْرُهُ بِسَبَبِ نُشُوزِهَا، وَلَمْ يَنْصَلِحْ حَالُهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهَا مُعَلَّقَةً، لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا مُطَلَّقَةٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُسَرِّحَهَا بِإِحْسَانٍ.

وَأَنَا أَنْصَحُ هَذِهِ المَرْأَةَ إِذَا كَانَ هَجْرُ الزَّوْجِ لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا بِسَبَبِ نُشُوزِهَا عَلَيْهَا بِالتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ وَالرُّجُوعِ إلى اللهِ تعالى، وَإِلَّا فَعَلَيْهَا بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ، وَهَذَا خَيْرٌ مِن طَلَبِ الطَّلَاقِ رَحْمَةً بِالأَوْلَادِ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ تَخْشَى عَلَى نَفْسِهَا مِنَ الانْحِرَافِ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى، فَلَا حَرَجَ مِنْ طَلَبِ الطَّلَاقِ مِنْهُ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَهَا زَوْجًا يُعِفُّهَا عَنِ الحَرَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.