السؤال :
هَلْ يَجُوزُ الانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الحَيَّةِ بِشَكْلٍ عَامٍّ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12367
 2023-01-30

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ لَحْمَ الحَيَّاتِ يَحْرُمُ أَكْلُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ ، وَاخْتَلَفُوا في إِهَابِهَا، هَلْ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ أَمْ لَا، إِذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً؟

فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالذَّبْحِ، وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَرُكُوبِ النُّمُورِ.

وَهُوَ عَامٌّ فِي الْمُذَكَّى وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ ذَبْحٌ لَا يُطَهِّرُ اللَّحْمَ فَلَمْ يُطَهِّرِ الْجِلْدَ، كَذَبْحِ المَجُوسِيِّ أَوْ أَيِّ ذَبْحٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَأَشْبَهَ الأَصْلَ، ثُمَّ إِنَّ الدَّبْغَ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَكَذَلِكَ مَا شُبِّهَ بِهِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ الإِهَابِ بِالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْل سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «دِبَاغُ الْأَدِيمِ ذَكَاتُهُ» رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ الْهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ عَمَلَ الدِّبَاغِ فِي إِزَالَةِ الرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، أَمَّا النَّهْيُ عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَرُكُوبِ النُّمُورِ فَلِأَنَّ ذَلِكَ مَرَاكِبُ أَهْلِ الْخُيَلَاءِ، أَوْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدْبَغَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَجَوَازُ الانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الحَيَّةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الفُقَهَاءِ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ يَحْرُمُ الانْتِفَاعُ مِنْهُ.

وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ يَطْهُرُ جِلْدُهَا بِالدِّبَاغَةِ، إِذَا ذُكِّيَتْ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً. هذا، والله تعالى أعلم.