السؤال :
هَلْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَصُومَ اليَوْمَ الأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ البِيضِ فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13658
 2025-06-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ وَرَدَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ».

وَرَوَى كَذَلِكَ عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَنَادَى «أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ».

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ».

وَرَوَى كَذَلِكَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ.

فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ.

فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ، فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا.

قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.

وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمِ عِيدِ الفِطْرِ، وَيَوْمِ الأَضْحَى، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ.

وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الصَّوْمِ فِيهَا مَعَ الكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ، لِمَا فِي صَوْمِهَا مِنَ الإِعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللهِ تَعَالَى.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

لَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِوُرُودِ الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي تَنْهَى عَنْ ذَلِكَ؛ وَعَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَقْبَلَ ضِيافَةَ اللهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، فَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ.

هَذَا الحُكْمُ لِغَيْرِ الحَاجِّ المُتَمَتِّعِ أَوِ القَارِنِ. هذا، والله تعالى أعلم.