طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا خلاف بين الفقهاء في أن خمس رضعات فصاعد يُحَرِّمن واختلفوا فيما دونها.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ) وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ، وَإِنْ كَانَ مَصَّةً وَاحِدَةً، فَالشَّرْطُ فِي التَّحْرِيمِ أَنْ يَصِلَ اللَّبَنُ إِلَى جَوْفِ الطِّفْلِ مَهْمَا كَانَ قَدْرُهُ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.
وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِاسْمِ الرَّضَاعِ، فَحَيْثُ وُجِدَ وُجِدَ حُكْمُهُ، وَوَرَدَ الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِلآيَةِ: (يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ) رواه البخاري ومسلم، حَيْثُ أَطْلَقَ الرَّضَاعَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا، وَلِحَدِيثِ: (كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا) رواه البخاري، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْقَوْلِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ لا يُؤَثِّرُ فِي التَّحْرِيمِ .
وبناء على ذلك:
فعند الجمهور من الفقهاء لا يحلُّ له أن يتزوج من إحدى بنات المرأة التي رضع منها، لأن جميع بناتها أخوات لها من الرضاعة.
وعند الشافعية وهو القول الصحيح عند الحنابلة: ما دام رضع من المرأة أقلَّ من خمس رضعات فيجوز له أن يتزوَّج من إحدى بناتها، ولكن أنصحه أن يأخذ بقول الجمهور خروجاً من الخلاف بين الفقهاء، وخشية الندم في المستقبل. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |